في الذكرى الـ69 لتعريب قيادة الجيش، يتجدد التأكيد على أن السيادة لا تُمنح، بل تُنتزع بإرادةٍ تصنع المستحيل. كانت خطوة تعريب القيادات العسكرية زلزالًا هز أركان التبعية، محوِّلةً الجيوشَ من أداةٍ استعماريةٍ إلى سيفٍ يحمي حدود الأمة وكرامتها. لم تكن مجرد تغيير أسماء أو مناصب، بل ثورةً على منطق الهيمنة: فبدلًا من ضباطٍ أجانب يوجهون البنادق نحو أحلام الشعوب، خُطَّت مسيرةٌ عربية خالصة لبناء جيشٍ وطنيٍّ يُدار بعقولٍ محلية، وولاءٍ لا يُشترى.
واجهت التجربة عواصف التشكيك ونقص الخبرات، لكن إصرار الكوادر العربية حوَّل التحديات إلى مدارس للعِزَّة. من أكاديميات عسكرية إلى خطط دفاعية بلغة الضاد، صار الجيش رمزًا للهُوية قبل أن يكون أداة حرب. اليوم، بعد نحو سبعة عقود، تثبت الأحداث أن قرار التعريب لم يكن لحظةً عابرة، بل أساسٌ لمعارك التحرير والصمود. فالأمة التي تُمسك بزمام جيشها تُمسك بزمام مصيرها.