منذ عشرينيات القرن الماضي، اعتاد أهل القرية على الاجتماع في جلسة هامة بدعوة من شيخ العشيرة وكبير القرية، وذلك بعد غروب الشمس ليتسنى للجميع الحضور. كان بين الحضور أصحاب الأغنام، والتجار، وإمام المسجد، وغيرهم من كبار القرية. ومع اشتعال النار لإعداد القهوة والشاي، يبدأ كبير القرية بطرح أمر بالغ الأهمية: بناء مدرسة تتكون من غرفتين أو ثلاث لتعليم الصبيان.
تم فتح باب التبرعات، حيث ساهم البعض في جمع الحجارة، وآخرون في نقل الماء وجمع الأشجار ذات الأغصان القوية. انخرط الصبيان أيضاً في العمل، وعندما اكتمل البناء، تبرع أحد المتعلمين في القرية بتدريس الطلبة القراءة والحساب وقراءة القرآن.
من هنا تبدأ رحلة التربية والتعليم، حيث يقوم الأب بمراقبة سلوك الطلبة، وإمام المسجد بتوجيههم، والمعلم بإرشادهم. يلعب دور الأسرة دوراً أساسياً في تنشئة الأبناء، حيث تعتبر الأسرة من أهم العوامل التي تؤثر على نموهم وتطورهم. فبفضل هذا التعاون، يتمكن الطالب من اكتساب القيم والمبادئ الأخلاقية والسلوك الحسن.
ويبقى الهدف الأسمى هو التعليم، حيث لا وجود للعنف في بيئة مشبعة بالحب والمودة، كما جاء في قوله تعالى: **"يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ"**.
لكننا اليوم نشهد أسباباً عديدة للعنف المدرسي، والتي اكتسبها الأطفال من المجتمع ووسائل التواصل الاجتماعي. إذ يتابع الأطفال هذه المواقع لساعات طويلة، مما يؤثر سلباً على سلوكهم. لقد أصبحت العادات السيئة مرغوبة لدى الكثير منهم، مما يتطلب منا أن ندرك أن إهمال الأسرة في تربية أبنائها يؤدي إلى العنف المدرسي والمجتمعي، مما ينعكس على سلوكهم وشخصيتهم المستقبلية.
لذا، يقع على عاتق الأسرة دور كبير في تربية الأبناء، من خلال مراقبة سلوكهم، ومتابعة دراستهم اليومية، وزيارة مدارسهم، والتواصل مع المعلمين وزملاء الدراسة لتعديل السلوكيات الخاطئة.
إنه واجب علينا جميعاً إعادة النظر في التربية داخل الأسرة، وتعليم الأطفال أولويات قواعد الاحترام المتبادل، بالإضافة إلى تعريفهم بحقوقهم وواجباتهم تجاه الآخرين. يجب أن يدرك الأهل أن المدرسة هي امتداد للبدايات التي تزرع في الأسرة، حتى نصل إلى جيل واعٍ ومسؤول يحمل القيم والمبادئ والأخلاق التي يجب أن يتمتع بها الفرد والمجتمع.