في لحظاتٍ تجلّى فيها الإيمان، وفي موقفٍ يندر حدوثه إلا لمن اختصهم الله برحمته، رحل العقيد المتقاعد بسام شامان مطيع الزهير (أبو شامان) عن هذه الدنيا وهو واقف بين يدي الله، ساجدًا أو راكعًا في صلاته، مودّعًا الحياة وهو في طهرٍ كامل.
حسن الخاتمة.. رزقٌ لا يُمنح إلا لأصحاب القلوب النقية
حين يتأمل الإنسان في حال من يرحلون عن الدنيا، يجد أن للموت رسائل، بعضها مرعب وبعضها مبشّر. ومن بين أروع الصور التي قد يختتم بها الإنسان حياته هي أن يُقبض وهو يؤدي عبادةً خالصةً لله. وقد ارتبطت فكرة حسن الخاتمة بمواضع معينة للموت، مثل الوفاة أثناء الصلاة، أو أثناء السجود، أو في يوم الجمعة، أو أثناء العمل الصالح. وهذه كلها دلائل، نأمل أن تكون إشارة إلى القبول والرضا من الله عز وجل.
من هو العقيد المتقاعد بسام شامان الزهير؟
المرحوم بسام شامان مطيع الزهير لم يكن مجرد اسمٍ عابر في سجلات الوطن، بل كان رمزًا للالتزام العسكري والأخلاقي، حيث قضى سنوات حياته في خدمة وطنه، ملتزمًا بالقيم العسكرية الشريفة التي تعلّمها وأتقنها خلال مسيرته الطويلة. بعد تقاعده، بقي حاضرًا بين أهله ومجتمعه، مشهودًا له بحسن الخلق، وطيب العشرة، والسيرة العطرة.
كان من الرجال الذين يُعرفون بصفاء القلب، ورحابة الصدر، وكرم الأخلاق، وهي صفاتٌ قلّما تجتمع في شخصٍ إلا وتكون سببًا في محبّة الناس له. لم يكن يومًا بعيدًا عن الخير، بل كان سبّاقًا إلى مساعدة المحتاجين، حريصًا على أن يكون دائمًا عونًا لمن حوله، مما جعل رحيله يُحدث أثرًا بالغًا في قلوب كل من عرفوه.
رحيل مفاجئ لكنه مشرف
في عصرٍ أصبحت فيه أخبار الموت تفاجئ الجميع دون مقدمات، إلا أن وفاة المرحوم بسام شامان الزهير كانت استثنائية، حيث أن الإنسان عندما يرحل وهو في طاعة، فإن ذلك يترك أثرًا عميقًا في نفوس الجميع. فلا خوفٌ من الموت بحد ذاته، وإنما الخوف من الكيفية التي يأتي بها.
لحظات الوداع التي اختارها القدر له كانت في موضع يُحسد عليه كل مؤمن، فلم يكن في غفلة، ولم يكن في معصية، بل كان في حالةٍ من الخشوع والطمأنينة، حيث وافته المنية وهو يؤدي الصلاة.
ماذا تعني الوفاة أثناء الصلاة؟
من الناحية الإسلامية، يُعد الموت أثناء الصلاة أو أثناء أداء عبادةٍ خالصةٍ لله من علامات حسن الخاتمة، فقد وردت في الأحاديث النبوية الشريفة بشارات كثيرة حول من يُقبض أثناء السجود أو في الصلاة. وقد قال النبي ﷺ: "إذا أراد الله بعبد خيرًا استعمله". قيل: كيف يستعمله يا رسول الله؟ قال: "يوفّقه لعملٍ صالحٍ ثم يقبضه عليه". وهذا الحديث يعكس تمامًا ما حدث مع المرحوم الزهير، حيث وافته المنية وهو في أسمى حالات العبودية والخشوع.
لحظات الحزن والفقد
لم يكن رحيل بسام شامان الزهير عاديًا، فقد كان وقعه مؤلمًا على أهله وأصدقائه ومحبيه. لم يكن شخصًا عاديًا في حياتهم، بل كان عمودًا من أعمدة المحبة والخير. لحظة سماع نبأ وفاته، انتشر الخبر بسرعة، وتعالت الدعوات له بالرحمة والمغفرة، حيث امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بعبارات التأثر والأسى، مؤكدة أن الفقد كان كبيرًا، لكنه كان مشرفًا ومباركًا.
درْسٌ في الحياة والموت
عندما نسمع عن وفاة شخص في الصلاة، نشعر بمدى ضآلة هذه الحياة، وأن كل شيء قد ينتهي في لحظة غير متوقعة. هذه الحادثة لم تكن مجرد خبر عابر، بل هي رسالة لكل من لا يزال على قيد الحياة، بأن الموت يأتي فجأة، وقد يكون الإنسان في لحظة دنياوية غافلة، أو في لحظة إيمانية عظيمة.
قصة وفاة بسام شامان الزهير تدعونا جميعًا إلى التفكير في أنفسنا، كيف ستكون خاتمتنا؟ هل نحن مستعدون للقاء الله؟ هل نحن في مسارٍ نرغب أن نُقبض عليه؟ هذه الأسئلة تجعل الإنسان يعيد حساباته، ويقترب أكثر من طريق الطاعة.
دعواتٌ للفقيد بالرحمة
رحم الله بسام شامان مطيع الزهير وأسكنه فسيح جناته، وجعل وفاته شاهدًا على حسن خاتمته، وعزاءً لأسرته ومحبيه، وذكرى طيبة تظل خالدة في القلوب.