إنها نكهة الغوث والمكارم.. رماح وسنابل.. ونار وهيل.. ودلال قهوة شيخ لا تنطفئ نيرانه.. الشماغ في عُرفه دفء وطن، يتزين دوما بمكارم تربى عليها في مضارب قبيلته الاردنية الأبية «بني صخر»، مدججا بكريم الاخلاق وحميد السجايا..
انه فيصل ابن عاكف مثقال الفايز، رئيس مجلس الاعيان.. «الشيخ» سليل «الشيوخ» الذي يجسد حقيقة الولاء للعرش الهاشمي النبيل، والانتماء للثرى الأردني الطهور، بالعمل والإنجاز والتفاني في العطاء في كافة المواقع والمناصب التي عمل بها بأمانة وإخلاص، وقد كان دوما ولا يزال على قدر المسؤولية الوطنية..
في هذا الصباح العابق بعطر الجوري الشهري ونسائم الياسمين العماني، والذي نتهيأ فيه لشرف الكتابة عن «فيصل الفايز» رجل الدولة وابن الوطن، الذي لم يكن بعيدا في يوم من الأيام عن مراكز القرار والمطبخ السياسي في مفاصل الدولة الأردنية الفتية بشكل عام، باعتباره قادما من بيت سياسي أنجب شيخ البرلمانيين والده المرحوم عاكف الفايز.
الفايز فيصل، المولود في عمان في العام 1952، شق طريق العلم والمعرفة بتميز وتفوق من كبرى جامعات العالم، حيث نال درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة كارديف، في المملكة المتحدة عام 1978 ومن ثم نال درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة بوستن في العاصمة البلجيكية «بروكسل» العام 1981.
بدأ حياته العملية في قلب الدبلوماسية الأردنية، حيث عمل في وزارة الخارجية في الفترة ما بين عامي 1979 و1986، ثم انتقل لمحطة عطاء جديدة في الديوان الملكي الهاشمي من عام 1986وحتى عام 2003، قبل ان يتم تعينه وزيرا للبلاط الملكي الهاشمي في عام 2003 وكان هذا الموقع المهم بمثابة التجهيز والاستعداد للانتقال إلى رئاسة الحكومة وكان ذلك في تشرين الأول من عام 2003 حيث بقي الفايز وحكومته في الدوار الرابع حتى نيسان من عام 2005 لينتقل مجددا إلى الديوان الملكي رئيساً له في نيسان عام 2005 وفي تشرين الثاني من عام 2005 تم تعيينه عضواً في مجلس الأعيان، قبل ان تُجمع عليه قبائل بني صخر الكريمة وتنتخبه بشعبية جارفة، عضوا في مجلس النواب عام 2010، ومن ثم رئيسا لمجلس النواب الأردني السادس عشر، وفي يوم 25 تشرين الأول عام 2015 صدرت الإرادة الملكية السامية بتعيين فيصل عاكف الفايز رئيسا لمجلس الأعيان.
وعودا على بدء فإن «الفايز» الذي تولى في حقبة سابقة وقريبة زمام الأمور في رئاسة الوزراء، وكان قبلها يعمل رئيسا للتشريفات الملكية في الديوان الملكي العامر، قريبا من اهم دوائر صنع القرار على الإطلاق، حيث الانفتاح السياسي والإصلاحي الذي جسدته حكومته امتثالا لكتاب التكليف السامي، حيث كان في عهد حكومته أول وزارة للتنمية السياسية، إيمانا منه بأن الأحزاب السياسية الأردنية جزء من مكونات صناعة القرار السياسي، بالإضافة لمنحه الأهمية للصحفيين ووسائل الإعلام وبقيت خطوط اتصاله موصولة بدفء مع الجميع بتواضع وشفافية وصدق.
في فترة حكومة «فيصل الفايز» لم تكن الأمور في دول الجوار على ما يرام، وما يرافق ذلك من مخاطر على الشأن الداخي الأردني نظرا لما ستنتجه الظروف الإقليمية المحيطة من مخاطر وارتدادات، وأبرز ذلك ما شهده العراق الشقيق من احتلال وما كانت تشهده الأراضي الفلسطينية من مواجهات دامية مع قوات الاحتلال الصهيوني، بالإضافة للظروف الإقليمية المهمة، ورغم ذلك كانت حكومته تمضى واثقة في تنفيذ برامجها تزامنا مع تسخيره لعلاقات صداقته الأخوية والشخصية مع كبار المسؤولين في دول الخليج والدول العربية، لما يخدم الأردن شعبا وقيادة واقتصادا.
ابو غيث.. إصلاحي بامتياز يحترم سيادة القانون واستقلال القضاء، لذلك كان يؤمن بضرورة الحوار الهادف والبناء، حيث انه وخلال فترة رئاسته للحكومة بذل جهودا عظيمة ومثمرة لتفعيل الحوار الوطني، خاصة عندما أظهر قادة ورموز جماعة الإخوان المسلمون والمرجعيات المؤثرة فيها، استعدادهم للتعاون والحوار بما يخدم المصالح العليا للدولة الأردنية، فكان المسؤول الشعبي المقبول لدى جميع التيارات السياسية والاحزاب بسعة صدره وفروسيته ومواقفه المتسمة بالاعتدال والمستندة الى قيم ومبادىء تربى عليها في مضارب والده الشيخ عاكف بن مثقال الفايز الذي عرفه الوطن بمواقفه الشامخة وبدوره النضالي في سبيل فلسطين المحتلة.
فيصل الفايز الذي حافظ على خطه وقيم الوفاء وأمانة المسؤولية ومبادىء الموقف، ولم ينقلب على الثوابت، بل ظل متزنا ورابط الجأش في أحلك الظروف صعوبة، ذلك لأن «الأردن» بوابة عشقه وحكاية وطن وأسرة واحدة يجمعها هواء هاشمي نقي وجميل، لذلك كان ولا يزال المرتبط شعبيا بمحبة الناس.. هنا في عمان بنسيجها الواحد، وفي قرى إربد وبوادي المفرق وهضاب عجلون وروابي البلقاء وسهول شيحان في الكرك الأشم ويعرف معاناة الصابرين في قرى بصيرا وعيمة والقادسية في الطفيلة الهاشمية، ويعلم تماما مواعيد القمر الصحراوي فوق سطح مدينة معان والمريغة والقويرة الى ان تُعانق ابتسامته الصافية رذاذ البحر في «الثغر الباسم».
ولأنه من قبيلة انجبت الشهداء والجنود، كانت ولا تزال وستبقى كبرى مؤسسات الوطن «القوات المسلحة الأردنية» الباسلة والأجهزة الأمنية السيادية موضع عشقه ومكان تقديره واحترامه لكواكب المؤمنين الذين يحرسون مسيرة الأردن وعيون الرجال لن تمسها النار «بإذن الله» وهم يسهرون حتى ينام أهل الوطن وضيوفه بأمن وطمأنينة وسلام.
أبو غيث.. الذي لا يزال يُنمي مساحة المحبة، ويغرس بذار الخير.. باعتباره حكاية عنوانها مجد وعطاء.. ومضمونها سنابل قمح وورد غافي في القلوب النابضة بمحبة الوطن والانتماء له بصدق وأمانة، عندما يشرق البهاء من جبينه.. شامخا.. والحب يجري في عروقه أردنيا.