ثلاثون عامًا ليست مجرد رقم في دفتر الأيام، بل هي مسيرة متواصلة من البذل والانتماء، سطّر خلالها العميد الركن المتقاعد زهير كامل المناصير صفحات مشرّفة في تاريخ الجيش العربي الأردني، الذي ظل وسيبقى مدرسة الرجال ومعقل البطولة والفداء.
منذ التحاقه بصفوف القوات المسلحة الأردنية، حمل المناصير قسم الوفاء للوطن والقيادة، وخاض سنوات طويلة في ميادين التدريب والقيادة، متنقلًا بين المواقع العسكرية، متدرجًا بالمسؤوليات، حتى وصل إلى رتبة عميد، بجهد لم يعرف الكلل، وبإيمان عميق بأن خدمة الوطن شرف لا يوازيه شرف.
لقد تميز خلال مسيرته بالانضباط، والقدرة على القيادة الحكيمة، والحرص على إعداد جيل من الضباط والأفراد القادرين على حماية الوطن ومقدراته. وكان مثالًا للجندي الأردني الذي يجمع بين الصلابة في الميدان، والإنسانية في التعامل، فترك أثرًا طيبًا في نفوس من عمل معهم، وظل نموذجًا يحتذى في الإخلاص والعطاء.
ومع أن رحلة الخدمة العسكرية توقفت بالتقاعد، إلا أن رسالة العطاء لم تتوقف، بل امتدت خارج حدود الوطن، حيث واصل المناصير مسيرته العلمية والعملية كمستشار في كلية الدفاع بدولة الإمارات العربية المتحدة، مشاركًا بخبراته وتجربته في بناء الكفاءات العسكرية، ومؤكدًا أن الجندية الحقة لا يحدها مكان ولا زمن.
إن هذه السيرة تثبت أن الانتماء ليس مجرد شعار يُرفع أو كلمات تُقال في المناسبات، بل هو مسيرة عمر، وصدق في العمل، وتضحيات تُقدّم بصمت، تاركةً أثرها في القلوب قبل أن تُكتب في الصفحات. فالفخر الحقيقي لا يحتاج إلى ضجيج، بل يتجلى في الأعمال التي تبقى شاهدة على إخلاص أصحابها، وفي الأثر الذي لا يزول برحيلهم عن مواقع المسؤولية.
زهير المناصير، بهذا العطاء الممتد، يجسد صورة الأردني الوفي، الذي عاش عمره بين ثرى الوطن وأخوته في ميادين الواجب، وبين حروف الرسالة التي حملها معه أينما حلّ، ليكون رمزًا من رموز التضحية والصبر والإصرار.