لم يعد الأمر يحتمل المزيد من الاستهتار. ما جرى يوم أمس في مدينة الرمثا خلال العملية الأمنية الحساسة يكشف حجم الفجوة بين وعي المواطن، وبين خطورة ما يحدث على أرض الواقع. عملية أمنية بهذا المستوى لا يجوز تداولها ولا تصويرها ولا نشر تفاصيلها إلا عبر الجهات الأمنية المختصة، فهي وحدها المخوّلة بنقل المعلومة الصحيحة في الوقت المناسب.
المؤسف أن مواقع التواصل الاجتماعي تحولت – لدى البعض – إلى ساحة لتحصيل "اللايكات” والمشاهدات، حتى لو كان الثمن تعريض حياة رجال الأمن للخطر. شاهدنا أشخاصًا يصورون دخول القوات الأمنية، يضحكون، يعلقون، بل ويرقصون وكأنهم في فعالية ترفيهية، لا في عملية ضد إرهابي قد يطلق النار في أي لحظة.
هذه المشاهد لا تخدم أحدًا… بل تعطل سير العملية الأمنية وتكشف تحركات الأجهزة الأمنية لحظة بلحظة.
السؤال الذي يجب أن يسأله كل مواطن لنفسه:
كيف تسمح لنفسك أن تنشر فيديو على فيسبوك أو غيره، في الوقت الذي لا تزال العملية جارية ولم تُحسم بعد؟
هل تدرك أنك بهذه اللقطة قد تكشف موقع القوة الأمنية؟ هل تعلم أن الإرهابي قد يشاهد ما تنشره ويعرف أين يقف رجال الأمن؟
نحن في وطن يحتاج منا أن نكون سندًا، لا عبئًا.
الوطن لا ينتظر منا تدوينة ولا فيديو ولا بث مباشر، بل ينتظر منا أن نفتح الطريق، لا أن نفتح الكاميرا.
ينتظر أن نكون جزءًا من الحفاظ على سرية العملية، لا جزءًا من نشر المعلومات التي قد تضر بأمن البلد وبسلامة أجهزته.
كفانا استهتارًا.
فكروا قبل أن تنشروا.
أمن الوطن ليس محتوى للترفيه، ولا مادة لجذب المتابعين.
رجال الأمن يعملون لحمايتنا جميعًا… فلنكن عونًا لهم، لا سببًا في إعاقتهم.