2025-12-18 - الخميس
"الإعلام النيابية" تلتقي لجنة الكرامة للمحاربين القدامى nayrouz رئيس الوزراء: إقرار الموازنة في وقت مبكّر يعكس التَّعاون الحقيقي بين السُّلطتين التشريعيَّة والتَّنفيذيَّة الذي يوجِهنا إليه جلالة الملك في إطار الدستور nayrouz مجلس الأعيان يُقر مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2026 كما ورد من "النواب" nayrouz تربية البادية الشمالية الغربية تعقد اجتماعًا لرؤساء قاعات امتحان الثانوية العامة للدورة التكميلية nayrouz النعيمات يجتمع بمراقبي الثانوية العامة nayrouz الانقلاب الشتوي الأحد المقبل nayrouz القاضي يترأس اجتماع لجنة الشؤون الخارجية النيابية مع وزير الخارجية nayrouz ‏‏اتحاد السلة يعتمد تعديلات جديدة على دوري السيدات للموسم 2025 nayrouz قلعة الكرك.. جرحٌ يُزهر فخراً، وبيعةٌ تتجدد خلف القيادة nayrouz الأردن يشارك في مؤتمر دولي لمكافحة الفساد في الدوحة ويؤكد التزامه بتعزيز النزاهة والشفافية nayrouz وزير المالية يلقي رد الحكومة على مناقشات "الأعيان" لمشروع الموازنة العامة nayrouz الجامعة الهاشمية والصندوق الوطني لدعم المؤسسات (نافس) توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز قدرات المؤسسات الناشئة nayrouz الطهراوي: نزاهة امتحانات الثانوية العامة مسؤولية مشتركة nayrouz نجاح عملية تبديل مفصل الركبة لمريضة في العقد السابع بمستشفى النديم nayrouz الأردن يتسلم رئاسة الدورة 45 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب nayrouz ولي العهد لجماهير “النشامى”: التشجيع من البداية حتى صافرة النهاية nayrouz إذاعة الجيش العربي تستضيف وكيل عالية حابس الوخيان nayrouz المياه: مشاريع للطاقة الشمسية توفر 8 ملايين دينار سنويا nayrouz توزيع الكهرباء" تطلق منصة رقمية مدعومة بالذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالأحمال وتأثيرات الطقس nayrouz جوجل" تطور أداة البحث العميق في مساعدها الذكي "Gemini" nayrouz
حزن عميق على وفاة الشاب راكان غازي الحويطات nayrouz وفيات الأردن اليوم الخميس 18-12-2025 nayrouz وفاة الشاب محمد علي عويد أبو زيد nayrouz الرمثا تنعى شيخ عشيرة الشبول الحاج محمد عبدالرحمن عوض الشبول nayrouz الحاج صالح اسمير البدر الخريشه في ذمة الله nayrouz وفيات الأردن اليوم الأربعاء 17-12-2025 nayrouz وفاة الأردني الطلافحة صاحب مبادرة كاسة زيت من كل بيت nayrouz وفاة سفير الأغنية السودانية الدكتور عبدالقادر سالم nayrouz ذكرى وفاة الحاجة مريم عشبان المعاويد الحنيطي (أم محمد) nayrouz وفيات الأردن اليوم الثلاثاء 16-12-2025 nayrouz وفاة الرائد علي غريزات أثناء أداء واجبه الرسمي في شرطة غرب إربد nayrouz وفاة الحاج سمير توفيق الشاويش مالك مطعم أبو توفيق في سحاب nayrouz الخريشا تعزي أسرة العفيشات والأسرة التربوية بوفاة والد الزميل أحمد العفيشات nayrouz وفيات الاردن ليوم الاثنين الموافق 15-12-2025 nayrouz الخريشا يعزي عشيرة القصاب بوفاة الحاجة أم علي رشدة غثوان nayrouz حزب البناء الوطني فرع عجلون ينعى وفاة الشاب غازي القضاه nayrouz وفاة الشاب غازي علي عبدالرحمن القضاة. nayrouz وفاة الحاج عبدالرزاق حسين الحياري "أبو أشرف " nayrouz حادث مأساوي على طريق جابر يودي بحياة ملازمين اثنين nayrouz وفاة الملازمين جعفر الغزالي وإسلام صبيحات إثر حادث سير مؤسف nayrouz

بني عطا يكتب المدينة كمنحوتة ظلّ الذاكرة وضوء الحلم

{clean_title}
نيروز الإخبارية :


يختبر الإنسانُ الجمالَ حين يحضر العالم في قلبه، حين يصمت الزمن، ويصير الوجود امتدادًا للروح. يتوقف الزمن وتذوب الحدود. حين يصبح الوجود نغمة واحدة تتردّد في الأعماق. يغدو الوجود كله حضورًا خالصًا.
ليس النحتُ مجرّد تطويعٍ للحجر، بل إصغاءٌ لما تقوله المسافة بين النور والظلّ. في الفراغ الصامت يتنفّس الجمال، وتستعيد المادة حضورها الأوّل حين يوقظها الضوء من كونها. 
 لا يصنع الفنان الجمال، بل يهيّئ له فضاءً يتنفّس فيه. 
فيولد من بين يديه كأنّه نور خرج من قلب الحجر، يهيّئ له مسرحًا كي يولد، يزيل ما يثقل الحجر كما يشطب الشاعر كلمةً زائدة ليكشف عن ومضة القصيدة.
فالنحت في جوهره، ليس فعل امتلاء، بل فعل تخلية. إنه الإصغاء إلى ما تُخفيه الكتلة في صمتها، وإزاحة ما يثقل روحها لتتكشّف ملامحها الأولى.
كلّ ضربة إزميل ليست إضافة، بل نفيٌ لما ليس من جوهر الجمال.
 يحرّر ما كان ينتظر في أعماق المادة أن يُرى. وفي هذا الفعل، يتحوّل الصمت إلى نَفَس، والفراغ إلى معنى، ويغدو الحجر مرآةً لما لا يُقال.
في كلّ ضربة إزميل، يختبر النحّات حدود الصبر والمعنى.
فليس الجمال في الشكل فحسب، بل في تلك العلاقة الخفية التي تنشأ بينك وبينه، حين تباغتك ومضة الانسجام وسط فوضى العالم.
هناك، في لحظةٍ تتلاشى فيها الحدود بين الذات والموجودات، يمرّ الجمال كنفَسٍ من الضوء، يذكّرك بأنك جزء من هذا الكون لا خارجه.
يكشف النحت ما كان حاضرًا في الغياب. ليست يد النحّات هي التي تُشكّل الوجود، بل رؤياه التي تُميّز ما يستحق أن يُترك، وما ينبغي أن يُزال. ذلك الحوار بين الحضور والاحتمال، بين ما يظهر وما كان مختبئًا في عمق المادة. بل أعاد إلى الوجود ما كان صامتًا فيه منذ البدء.
تحمل كل مادةٍ ذاكرتها في جوفها، تنتظر يدًا تُصغي وصوتًا يوقظها.
الجمال هنا فعلُ تذكّر، والهوية ليست نقشًا على السطح، بل صيرورةٌ تتجدّد في كلّ منحوتة، في كلّ أثرٍ يربط الإنسان بمكانه.
حين ينظر النحّات إلى المدينة، يراها عملًا قيد التكوين، تبحث عن وجهها بين الضوء والظل. تبحث عن ذاتها، عن معنى يملأ فراغاتها. المدينة كمنحوتةٍ تنتظر أن تُصغى إليها.

عمّان، المستلقية على تلالها كجسدٍ متعب، ما زالت حجارتها تحفظ همس ذاكرة عتيقة، لكنها تتوق إلى يد تُعيد له الحياة في فضائها المرئي.
مدن بلا منحوتات تشبه أجسادًا بلا ملامح، تضيع فيها الذاكرة البصرية وتصبح ساحاتها فراغًا يبتلع الهوية.
فالنحت في المدينة ليس ترفًا، بل وعيٌ حيّ بالمكان، ولغة صامتة تحفظ روحها في وجه طوفان الإسمنت.
يخلق الفنّ ذاكرةً حية للمكان.
تتحول الشوارع الصمّاء إلى ممرات للنسيان، لكن منحوتةً فريدة تجعل المكان "نقطة لقاء"، و"ذكرى مشتركة" تشعّ دفئًا أكثر من أي عنوان أو تقاطع.
يمنح الفنّ الأرواح للأماكن، فيحوّلها من مجرد إحداثيات على خريطة إلى فصولٍ تنبض في القصة الجماعية للمدينة.
في الشارع، يطرح الفنّ أسئلةً صامتة على المارّة، ويفتح نوافذ على عوالم غير متوقعة: طفل يرى في المنحوتة ديناصورًا، وشيخٌ يستحضر سفينةً راحلة.
هذا التفاعل الخيالي هو فنٌ بحد ذاته، يجعل الفضاء العام مسرحًا لتأويلات لا تنتهي، ويغني العالم الداخلي للسكان بمادة للحلم والتفكير.

يقف العمل النحتي كأثرٍ مرئيٍّ للحظةٍ تجلّى فيها الوعي بالجمال،
كأنّ المنحوتة تلتقط توازنًا نادرًا بين الضوء والظلّ، بين الكتلة والفراغ، بين الماضي وروح المستقبل.
وحين تُعرض في فضاء المدينة، تمتدّ هذه التجربة من يد الفنان إلى وجدان العابرين.

يوقظ الفنّ الحواس من سباتها الوظيفي، يجبرنا على التوقّف، على الرؤية بدل النظر،
على لمس الملمس وتأمّل الخطوط، وملاحظة كيف يبدّل الضوء وجه الحجر مع مرور الوقت.
تلك الدعوة الصامتة هي جوهر النحت — أن يجعلنا نرى العالم من جديد.

فالنحت ليس مجرّد أثرٍ من حجر، بل أثرٌ من وعي،
محاولةٌ لتثبيت لحظةٍ من الجمال كي لا تُنسى، ولجعل الوجود أكثر وضوحًا وعمقًا.
فكلّ كتلةٍ منحتها اليد شكلاً جديدًا، هي في الحقيقة مرآةٌ تعكس صورة الإنسان عن ذاته وعن مدينته.

فالمدينة التي ترى نفسها في عين الفنّان، تستعيد قدرتها على الحلم.

حمزه بني عطا 

مدرس نحت/ كلية الفنــون والتصميم الجامعة الأردنية