تكن زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى غرفة صناعة عمّان والأردن زيارة بروتوكولية عابرة؛ بل كانت رسالة واضحة بأن مستقبل الاقتصاد الأردني يُبنى من قلب المصانع، ومن سواعد العمال، ومن خطوط الإنتاج التي تُشكّل اليوم العمود الفقري للنمو والتشغيل.
ففي لحظة التقاء القيادة بالصناعيين، بدا جليًا أن الصناعة لم تعد مجرد قطاع بين قطاعات، بل تحوّلت إلى قضية وطنية، وإلى محور رئيسي في إستراتيجية الدولة للسنوات المقبلة، حيث تتقدّم أولوياتها في التشغيل، وزيادة الصادرات، وتحفيز الاستثمار، وتوسيع قاعدة الإنتاج.
رؤية ملكية… الاقتصاد المنتج أولًا
جلالته شدّد خلال الزيارة على أن الصناعة الأردنية تمتلك كل المقومات لتكون في طليعة القطاعات القادرة على خلق الفرص وتحسين معيشة المواطنين، شرط أن تُتاح لها بيئة أعمال مرنة، وإجراءات واضحة، وأسواق جديدة تُفتح أمام المنتج المحلي.
وتعكس هذه التوجيهات رؤية ملكية راسخة مفادها:
الاقتصاد القوي يبدأ من مصنع لا من استهلاك.
الابتكار رفيق الإنتاج وليس رفاهية.
التصدير ضرورة وطنية لا خيارًا إضافيًا.
هذه الرسائل ترسم طريقًا جديدًا لاقتصاد يقوم على العمل والإبداع، لا على الاستيراد والاعتماد على الخارج.
الصناعيون… شركاء في البناء
وفي كلمة حملت الكثير من التقدير، عرض رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمّان، المهندس فتحي الجغبير، صورة واقعية لما يشهده القطاع الصناعي من تقدم، مؤكدًا أن دعم جلالة الملك هو الركيزة الأولى التي سمحت للصناعة الأردنية بالتوسع، وجذب الاستثمارات، والوصول إلى أسواق عالمية جديدة.
وكشف الجغبير عن رقم مهم: توفير 6000 فرصة عمل خلال أول تسعة أشهر من عام 2025.
هذا الرقم ليس مجرد إحصائية، بل دليل حيّ على أن الصناعة قادرة على استيعاب الشباب، وتوفير فرص عمل حقيقية في مختلف المحافظات.
وأكد أن هذه المكاسب لم تكن لتتحقق دون إزالة المعيقات أمام المستثمرين، وتوجيهات جلالته الداعمة لفتح مصانع جديدة في المناطق التنموية، وتسهيل توسع المصانع القائمة.
لماذا الصناعة؟ لأنها ببساطة… تصنع المستقبل
الواقع الاقتصادي يثبت أن الصناعة هي القطاع الأكثر قدرة على خلق وظائف مباشرة وغير مباشرة، بدءًا من العمالة داخل المصانع، وصولًا إلى قطاع النقل، والخدمات، واللوجستيات، وسلاسل التوريد. وكل زيادة في الإنتاج والتصدير تعني:
فرص عمل إضافية
دخل أفضل للأسر
نشاطًا تجاريًا أوسع
انخفاضًا في نسب البطالة بين الشباب
وفي بلد تتراوح أعداد خريجيه سنويًا بين 65 و70 ألفًا، تصبح الصناعة أكثر من ضرورة… تصبح طوق نجاة اقتصاديًا واجتماعيًا.
منتج أردني… ينافس عالميًا
ولم تعد الصناعة الأردنية محصورة بالسوق المحلي؛ فقد وصلت منتجاتنا إلى الخليج، وأوروبا، وأفريقيا، وأميركا الشمالية.
هذا الانتشار لم يتحقق صدفة، بل نتيجة جودة عالية، وأسعار تنافسية، ودعم ملكي مستمر جعل اسم الأردن محل ثقة في الأسواق الدولية.
الدبلوماسية الاقتصادية… كلمة السر
وخارج الحدود، يواصل جلالة الملك تقديم الأردن للعالم كوجهة استثمارية آمنة ومستقرة.
وفي كل لقاء دولي، يكون جلالته سفيرًا للصناعة الأردنية عبر:
الترويج للفرص الاستثمارية
بناء شراكات اقتصادية جديدة
دمج الأردن في سلاسل التوريد العالمية
جذب شركات كبرى للاستثمار في المملكة
هذه الدبلوماسية الاقتصادية أعطت للصناعات الوطنية مساحة أكبر للتحرك والنمو عالميًا.
تعليم يتماشى مع حاجات الصناعة
ومع تزايد أعداد الخريجين سنويًا، يبرز سؤال مهم:
هل يتناسب مخرَج التعليم مع حاجات الصناعة؟
إن الصناعة تحتاج إلى تعليم مهني وتطبيقي حقيقي، وإلى تقييم سنوي يُظهر بوضوح نسب التشغيل للخريجين، وأماكن عملهم، واستدامة وظائفهم.
وضع الحقائق كما هي، ومعالجة نقاط الضعف، أصبح ضرورة وطنية.
الأردن يصنع مستقبله
إن زيارة جلالة الملك لغرفة الصناعة لم تكن مجرد جولة، بل كانت تجديدًا للعقد الوطني:
الدولة تفتح الطريق، والصناعيون ينتجون، والشباب يعملون، والصادرات تنطلق إلى العالم.
وبقيادتنا الهاشمية الحكيمة، وبشراكة حقيقية بين الحكومة والقطاع الصناعي، وبإيمان راسخ بقدرة الأردنيين، تستطيع الصناعة الأردنية أن تكون القاطرة الأولى للتنمية، ورافعة التشغيل، ومحور بناء اقتصاد أقوى… للأردن الأقوى بقيادته وشعبه وأجهزته الأمنية وجيشه العربي المصطفوي.