أثار ظهور بقعة شمسية عملاقة على سطح الشمس حالة من القلق لدى العلماء، بعدما تبين أن هذا التجمع الضخم من البقع قد يكون مصدرًا لتوهجات شمسية قوية قد تمتد آثارها إلى كوكب الأرض. ويؤكد الباحثون أن النشاط الشمسي يشهد ارتفاعًا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة، ما يستوجب مراقبة مستمرة لتجنب أي تأثيرات محتملة على الاتصالات وأنظمة الملاحة.
رصد تجمع هائل من البقع الشمسية
أعلنت فرق الرصد الفلكي أن الصور الحديثة التي التُقطت مطلع ديسمبر كشفت عن مجموعة شديدة الضخامة من البقع الشمسية تمتد عبر مناطق نشطة تحمل التسميات AR 4294 وAR 4295 وAR 4296. وتمت مقارنة حجم هذا التجمع بحجم إحدى البقع التاريخية التي سبقت "حدث كارينغتون” الشهير في القرن التاسع عشر، وهو ما يرفع احتمالات تصاعد النشاط المغناطيسي خلال الأيام القادمة. ورغم أن هذه البقعة الشمسية العملاقة لا تزال هادئة نسبيًا، فإن طبيعة الحقول المغناطيسية المتشابكة داخلها تثير المخاوف من إطلاق توهجات قوية وغير متوقعة.
قياسات تكشف عن حجم غير مسبوق
تشير البيانات القادمة من المركبات الفضائية إلى أن الامتداد الكامل لهذا التجمع قد وصل إلى نحو 180 ألف كيلومتر، أي ما يعادل 90% من حجم بقعة كارينغتون التي كانت وراء أقوى عاصفة شمسية مسجلة في التاريخ. ويعد هذا المشهد من أكبر ما رُصد خلال العقد الأخير، خاصة أن بعض مناطق هذا التجمع تمتلك تكوينات مغناطيسية معقدة من نوع "بيتا–جاما–دلتا"، وهي النماذج التي عادة ما ترتبط بالتوهجات فائقة القوة من الفئة X. ويؤكد خبراء الفلك أن وجود بقعة شمسية عملاقة بهذا الحجم يزيد احتمالية حدوث اضطرابات قوية.
احتمالات إطلاق توهجات وانبعاثات إكليلية
يعتقد العلماء أن الزيادة الحالية في النشاط قد ينتج عنها توهجات شمسية وانبعاثات إكليلية ضخمة يمكن أن تُوجَّه نحو الأرض. مثل هذه الظواهر تكون مصحوبة بسحب من الجسيمات المشحونة القادرة على إحداث اضطرابات مغناطيسية واسعة، وهو ما قد ينعكس على الأقمار الصناعية والاتصالات اللاسلكية وأنظمة الملاحة الجوية. كما أن هذه الظاهرة قد تسبب ظهور الشفق القطبي في أماكن غير معتادة حول خطوط العرض المتوسطة. ومن ثم فإن رصد أي تصعيد في هذه البقعة الشمسية العملاقة أمر بالغ الأهمية لتقييم المخاطر المحتملة.
توهجات أخرى بعيدة عن التجمع الجديد
ورغم القلق المتزايد، فإن الخبراء يشيرون إلى أن التوهج القوي من الفئة X1.9 الذي وقع مطلع ديسمبر لم ينشأ من هذا التجمع الكبير، بل صدر من المنطقة AR 4295، مما يعني أن البقعة الشمسية العملاقة الجديدة لم تُطلق بعد توهجات بمستويات عالية. ومع ذلك لا يستبعد الباحثون احتمال تغير الوضع في أي لحظة إذا استمرت الحقول المغناطيسية في التعقيد والتداخل.
توقعات النشاط الشمسي خلال الأيام القادمة
تتوقع الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) تسجيل المزيد من التوهجات المتوسطة من الفئة M، إضافة إلى احتمالية ظهور توهجات أقوى من الفئة X في ظل تصاعد النشاط الحالي. وحتى هذه اللحظة لم يتم رصد أي انبعاث إكليلي موجه مباشرة نحو الأرض، ما يقلل من احتمالات حدوث تأثيرات فورية. ويؤكد العلماء أن الوقت لا يزال مبكرًا للحديث عن تكرار سيناريو كارينغتون، وأن مراقبة البقعة الشمسية العملاقة يجب أن تستمر دون مبالغة أو تهويل.