حذّرت دراسة طبية جديدة من أن التغيرات الطفيفة في عادات القيادة قد تكون إحدى أكثر العلامات المبكرة دقة على بدء تدهور القدرات الإدراكية والخرف، حتى قبل ظهور الأعراض التقليدية المرتبطة بضعف الذاكرة.
الدراسة التي أجرتها كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس، كشفت أن مراقبة السلوك على الطريق يمكن أن توفر مؤشراً بالغ الأهمية حول الصحة الدماغية لكبار السن، وتساعد على التدخل المبكر قبل تفاقم الحالة.
ثلاث إشارات رئيسية تشير إلى الخطر
ووفقاً للنتائج، أظهر كبار السن الذين يعانون من تدهور معرفي طفيف ثلاثة تغيّرات واضحة في قيادة المركبات منها انخفاض عدد الرحلات الشهرية والمسافات المقطوعة، وتجنب القيادة الليلية بسبب ضعف القدرة على معالجة المعلومات البصرية، والاعتماد على الطرق المألوفة فقط والتوقف عن استكشاف مسارات جديدة.
ويقول الباحثون إن هذه الأنماط تتسلل تدريجياً قبل سنوات من ملاحظة العائلة أو الشخص نفسه لأي مشكلات في الذاكرة، ما يجعلها مؤشراً بالغ الحساسية.
جمع البيانات عبر أجهزة GPS
اعتمد الفريق البحثي على أجهزة تتبع مثبتة داخل السيارات لمراقبة سلوك القيادة لأكثر من ثلاث سنوات، شملت 56 مشاركاً يعانون من تدهور إدراكي بسيط، و242 مشاركاً بقدرات معرفية سليمة، بمتوسط عمر 75 عاماً.
وأظهرت البيانات أن القدرة على كشف التدهور الإدراكي من خلال أنماط القيادة بلغت 82%، وقفزت إلى 87% عند دمج نتائج القيادة مع العمر والفحوص الجينية المرتبطة بمرض الزهايمر.
أما الاختبارات التقليدية وحدها، فبلغت دقتها 76% فقط.
رصد غير تدخلي وبتكلفة منخفضة
البروفيسور غانيش بابولال، المشرف على الدراسة، قال إن متابعة القيادة اليومية تمثل «وسيلة آمنة وغير تدخّلية ومنخفضة التكلفة» لرصد التراجع الإدراكي، وقد تساعد على التدخل المبكر لمنع الحوادث وحماية السائقين.
وأضاف أن "القيادة نشاط معقّد، يجمع بين الانتباه والذاكرة واتخاذ القرار، ولذلك فإن أي تراجع بسيط في الأداء قد يكشف عن تغيرات دماغية غير ملحوظة".
دعوات لاستخدام البيانات بحذر واحترام الخصوصية
وأكد الباحثون أن استخدام بيانات القيادة يجب أن يخضع لضوابط صارمة تضمن حماية الخصوصية ومنع إساءة استخدامها، خاصة مع زيادة الاهتمام من شركات التأمين والجهات الصحية بهذه المؤشرات الرقمية.
مؤشرات أخرى مرتبطة بالخرف
وتأتي هذه النتائج ضمن سلسلة أبحاث تُظهر أن فقدان القدرة على التنقل المكاني، وصعوبة اتباع أنظمة الملاحة، أو التوقف بمسافات غير مناسبة خلف المركبات، قد تكون أيضاً إشارات مبكرة للإصابة بالخرف.
كما تشير دراسات بريطانية إلى أن فحوصات القلب في منتصف العمر قد تساعد في التنبؤ بفرص الإصابة بالخرف قبل عقود من ظهوره.