نيروز الإخبارية : نيروز الإخبارية:
بقلم الأستاذ المحامي بشير العمد.
كثيرا ما نرى في نظرية المؤامرة راحة في الكف عن التفكير في اسباب الوقائع والتواكل ضمن حكم القوي على الضعيف وشماعة تقينا من رصد مشكلاتنا في قلة التخطيط والعمل الدؤوب والايمان بمبادئنا وافكارنا ونقلها الى حيز الواقع ، والعمل الذي يمكن ان يترك لنا فرصة في ان نخرج من واقع المفعول به الى الفاعل ، و واقع ان نكون على مخططات الاخرين دون ان تكون لدينا مخططاتنا ، وان نكون ردة فعل لا اثر لها على ان نكون الفعل المؤثر .
تمكن الغرب وبنجاح على زراعة ( نظرية المؤامرة العظمى ) في داخل البنية المعرفية التي نمتلكها بأساليب علمية نفسية محترفة ، واستطاعوا ان يتمكنو من برمجتنا عقليا على هذه السلبية التي تجعلنا دائما ضمن دائرة الضعف والتسليم ، وربما هنا قد تتساءل : كيف ؟؟ ولماذا ؟؟ و ما الحل ؟؟
( أما كيف ؟؟) : فالإجابة على ذلك تجدها في علم النفس ، بأن عقل الفرد يتكون من (Schema) او ( سيكمات وتعني : صورة اجمالية ذهنية لحالة المعرفة الموجودة ، ويمكن ان نختصر معناها بالأبنية المعرفية ) وقد يكون من ضمن هذه الأبنية معرفة مشوهة أو خاطئة مما يؤدي من خلالها إلى اضطراب نفسي أو اكتئاب متوسط أو حاد للفرد مما ينعكس على سلوكياته ومواقفه وقراراته وقدرته على تمييز الحقائق بالشكل السليم ، وقد استطاع الغرب ومنذ أيام الاستعمار الفعلي والاستعمار الفكري المستمر ليومنا أن يزرعوا فينا فردا فردا من خلال أبنيتنا المعرفية معرفة مشوهة وباحترافية عالية بأن كل مايجوب في منطقتنا العربية والمحلية من احداث هي تزامنات مدروسة مخطط لها ( ولا ننفي قدرتهم على التخطيط الاستراتيجي لتحقيق مصالحهم )، والتشوه يكمن بأنه لا يمكن لنا ان نؤثر على هذه المخططات من حيث التنفيذ وضرورة تسليمنا بالامر الواقع ، سواء من حدث أو خبر أو توجه أو وجهة نظر فهو كله من صنع الاستعمار الغربي لا قدرة علينا في مجابهتها ، وهنا المعضلة ، لدرجة انه أصبحنا نتوهم بأن كل شؤون هذا الكون يسير حسب خططهم واستجابة لخطواتهم وتحقيقا لاهدافهم والمبالغة هنا سر الفشل الذي نعيش فيه .
(أما لماذا ؟؟) : فالإجابة على ذلك تتمثل حتى ينموا فينا التشكيك والتخوين والسلوك السلبي على أي مسألة أو قرار أو مشروع نهضوي حقيقي صادر من مكوناتنا الداخلية من دولة أو قائد أو مؤسسة مدنية أومحلية وربطها تلقائيا بأنها جزء لا يتجزأ من منظور (المؤامرة العظمى) .
( ما الحل ؟؟) : الحل يتمثل بما يسمى (بالعلاج المعرفي) والمقصود به هو الخلاص من هذه المعرفة المشوهة المزروعة في البنية المعرفية لدينا وزرع المعرفة الموضوعية بدلا منها وتطبيقها على أي مشروع نهضوي للحكم عليه بالإيجاب أو بالسلب ، وهذا يتطلب جهد فردي منا كأفراد في المجتمع اولا، وجهد مؤسسي من الدولة من خلال مناهج التربية والتعليم، فإذا نهضت الأبنية المعرفية السليمة في فكر الفرد ، نهض المجتمع، وإذا نهض المجتمع، نهضت الدولة، وإذا نهضت الدولة، حققت الحرية و التقدم والإزدهار، وتخلصت من كافة أشكال وانماط الإستعمار .
هل سنبقى نعتقد ان الغرب هو محرك الكون وهل سنبقى نؤمن بالمؤامرة العظمى ؟؟ الى متى ؟!.