نيروز الإخبارية : نيروز الإخبارية.
بقلم . د. عساف الشوبكي.
هناك نقد بهدف قول كلمة الحق وبهدف تغيير المنكر وتحسين الواقع والإصلاح وكشف وتعرية الفساد والفاسدين بما هو متوفر من حقائق واضحة ودلالات مؤكدة وشواهد متوفرة ومعلومات دقيقة وبراهين دامغة لاتخرج عن سياق الأنظمة والقوانين ولاتتنافي ولاتتعاض مع تعاليم ديننا الحنيف ولا تظلم ولا تتجنى على المتهمين ولا تَفُجر ولا تمس بعائلاتهم او أعراضهم ،وتراعي اخلاقنا الحميدة وعاداتنا الكريمه وتقاليدنا الراسخة وقيمنا المستندة الى شريعتنا الغراء واصول التعامل الحضاري والانساني السليم، ولكن للأسف يخرج النقد هذه الأيام وفِي هذا الفضاء الاعلامي الواسع وغير المنضبط ومن كثير من الناس عن هدفه ويأخذ مناحي عدة لعل من ابرزها الظلم والتجني واستباحة الحرمات والمحرمات والخروج عن المألوف القيمي الاردني.
لقد ساهم تردي اداء الحكومات وتراخي الدولة وعدم جديتها في الإصلاح وفي محاسبة الفاسدين في تفشي هذه الظاهرة وهذا (الوباء الأصفر الخطير) الذي لم يسلم منه اي مستهدف صغيراً كان ام كبير رجلاً كان او امرأة ، والذي جعل الناس في حيرة من امرهم وفِي شكوك دائمة بأن كل من تولى مسؤولية في الدولة فاسد او على الأقل اغلب المسؤولين فاسدون، بل وولد لديهم قناعات وإحباطات بان مشكلات البلاد الاقتصادية مستعصية ولا حل لها وتسير من سيّء الى أسوأ وانها البلد (خربانه) ، وان هناك مؤامرات سياسة واقتصادية إقليمية وعربية ، داخلية وخارجية ولعل أهمها ماسموه صفقة القرن ، وما ادعوه ان وطننا ومؤسساته يقف عاجزا عن مواجهتا والانتصار عليها، كل ذلك يتم على مسمع ومرأى من سلطات الدولة واجهزتها المختلفة، دون ان تحرك ساكناً ، وفِي غياب تام لإعلام وطني محايد مسؤول يذكي الروح الوطنية ويشحذ الهمم من اجل التحدي ومصارعة الخطوب وبث عوامل القوة والتمكين في شعبنا القوي الحر الأبي .
أشك ان هناك قوى وجهات متغلغلة واصحاب نفوذ ودخلاء على الصحافة والإعلام وفاسدون وراء هذا السيل العرم من هذا الهجوم الفضائي الكاسح الذي يشتت المعلومات الصحيحة ويناقضها بمعلومات مغلوطة وخاطئة ليختلط الحابل بالنابل ولحرف بوصلة الحقيقة عن اتجاهها الصحيح، والتركيز على صغار الفاسدين دون التطرق لكبارهم وعلى صور مزورة في غالبها وامور ثانوية صغيرة وعدم التطرق لقضايا الفساد الكبرى او الاقتراب منها والهجوم على كل الصالح والطالح ليذهب الصالح بعروى الطالح لخلط الوراق وبعثرة الأمور.
حتى يستقيم الحال لابد من حكومة انقاذ وطني قوية ولابد من خطة عمل شامله تشارك بهاء جميع اجهزة الدولة وسلطاتها ورجال الوطن الشرفاء والمسؤولون المتميزون واصحاب الخبرات والكفاءات تعيد رسم خارطة الوطن من جديد وتوضح ترتيب سلطاته وأولوياتها والفصل بينها حسب نص الدستور وتضع معايير محكمة لاختيار المسؤولين و تشخص الداء وتضع له الدواء ليتخلص من مشكلاته ومعيقات تقدمه وتطوره ولابد من اعادة تموضع المؤسسات ذات العلاقة وذات التواصل مع الجماهير لخدمة الصالح العام وبخاصة المؤسسات الإعلامية المنحارة للوطن ، ثم المؤسسات التعليمية والجامعات والمدارس والمساجد ودورالعبادة ومؤسسات المجتمع المدني لإعادة المجتمع الاردني الى سابق عهده ووضعه على جادة الصواب ويترافق ذلك ويعززه إصلاح حقيقي شامل في مختلف المجالات وبخاصة التعليم والصحة وتشريع قوانين إصلاحية متطورة للأحزاب والانتخاب ومن أين لك هذا؟ ومكاشفة وصدق مع الشعب وازالة الظلم والغلاء وجور شركات الخدمات، واشاعة العدل والمساواة ووضع خطط وبرامج ناجعة محكومة بزمن التنفيذ لتخفيف اعباء الفقر والبطالة ثم التخلص منهما، ومحاسبة حقيقة للفاسدين ، وعندما ننجح في ذلك عندها نقول بلدنا (عمرانه) بعون الله.