نيروز الإخبارية : نيروز الاخبارية :
الكرامة صفحة من تاريخنا العميد الركن المتقاعد
أحمد إبراهيم الحويان
في هذا اليوم نستذكر جميعا صفحة خالدة من تاريخ الأردن المناضل، يوم التقت إرادة الصمود لدى الشعب والقيادة والقوات المسلحة الباسلة لتسطّر تلك المعركة التي جاءت في ظروف صعبة وبعد مرور 9 اشهر فقط على نكسة حزيران 1967، وما خلفته من شعور لدى الجميع بخيبة الأمل، والاحباط واليأس ليس على الأردن وحده ولكن على الامة العربية بشكل عام.
وعند طلوع فجر الحادي والعشرين من آذار عام 1968م بعد ان صلى الجنود الفجر توجهوا الى الله بالدعاء (اللهم نصرك الذي وعدتنا، اللهم اغسل عنا عار هزيمة في عام 1967 لم نصنعها اللهم ارنا بهم يوما كيوم بدر والقادسية).. ويبدأ العدو بقصف كثيف من جميع الاسلحة وعلى طول الجبهة التي كانت قبلها مسرحا للاشتباكات اليومية ويُعلن (موشي ديان) بانه سيدعو الصحفيين الى عقد مؤتمر صباح هذا اليوم في مكان ما شرقي النهر، وكأنهم بغطرستهم المعهودة حسبوها نزهة سريعة خفيفة وما علموا بان النهر تحميه سواعد البواسل من ابطال الجيش العربي الذين اقسموا بان لا يمر العدو اليوم الا على اجسامهم.
وتبدأ عمليات العبور على أربعة محاور هي:-
• محور دامية – السلط.
• محور جسر الملك حسين – الشونة – السلط.
• محور جسور الامير عبدالله – ناعور.
• محور غور الصافي.
من اجل تشتيت جهد القوات المدافعة ويتصدى الأبطال بأسلحتهم الخفيفة واسلحة م/د وبدأوا بقنص الدبابات المعادية ومن مسافات قريبة جدا وقاتلت قوات الحجاب قتالا عنيفا وبجميع انواع الاسلحة وحتى بالسلاح الابيض واستخدم العدو طائراته المقاتلة وشرع بانزال قوات المظليين بهدف احتلال بلدة الكرامة.
وتشتد المعركة بقيادة جلالة المغفور له الملك الحسين العظيم الذي وضع اشقاءه زعماء الدول العربية والاسلامية بتطورات الموقف وبعد انتصاف النهار كانت دبابات اللواء المدرع/60 تتحرك من الزرقاء باتجاه الاغوار وعلى الجنازير، وحداء الجنود يملأ السهل والجبل (اضرب رصاص خلي رصاصك صايب)، ويتم دحر القوات المعادية وعلى كافة المحاور حيث صبت المدفعية نيرانها وخاصة المدفعية السادسة وقبل المغيب ولاول مرة من تاريخ العدو الاسرائيلي يطلب وقف اطلاق النار.
وقد تخللت المعركة بطولات فردية عديدة لأبطال قواتنا المسلحة الباسلة فهذا الملازم الأول الشهيد خضر شكري يعقوب ضابط رصد المدفعية السادسة وبعد أن وصل العدو موقعه يطلب على الجهاز من مدافعه أن ترمي موقعه حيث قال:- (طوق العدو موقعي، أرموا موقعي حالاً، وينطق بالشهادتين على الجهاز).
ويبدأ العدو مرحلة هي الأصعب في مهمته وهي سحب آلياته المعطوبة والمدمرة ويلتحم الشعب والجيش والمقاومة في معركة حامية لمنع العدو من سحب آلياته، وفعلا تم سحب قسم من هذه الآليات الى ساحة الجامع الحسيني في عمان تزف للشعب بشرى النصر المؤزر ويشاهد الاطفال جنود العدو وهم مكبلون بالجنازير داخل دباباتهم، ويحتفل ابناء شعبنا الوفي وقواته المسلحة وقائده الأعلى بيوم النصر، وتعم الفرحة عواصم العرب ويهنئ الرئيس الراحل جمال عبدالناصر جلالة الراحل العظيم الحسين بن طلال بالنصر، ويبدأ راديو صوت العرب باذاعة الاغاني الحماسية والمارشات العسكرية.
وهكذا يتجلى الصمود والصبر والتضحية وتفشل الغطرسة الصهيونية ويعترف قائد المجموعة/3 الاسرائيلية بقوله: (لقد شاهدت قصفا شديدا عدة مرات في حياتي لكني لم اشاهد كهذا من قبل، لقد اصيبت معظم دباباتي في المعركة ما عدا اثنتين).
وتسفر المعركة عن استشهاد (86) من افراد قواتنا المسلحة الباسلة بينهم (6) ضباط وجرح (108) افراد بينهم (12) ضابطا وفي الساعات الاخيرة من ليل 21 آذار 1986م كان جلالة الملك الحسين رحمه الله يسأل عن الجرحى وعمليات نقل الدم واخلاء الخسائر، وكان يعرف الضباط شخصيا ويسأل عن كل وحدة كيف عملت؟ وكيف قاتلت؟ فقام بزيارة الجرحى مباشرة وتحدث اليهم حيث رجاه بعضهم أن يعودوا إلى الميدان.
ثم توجه الى الاذاعة فقال في خطابه: (لقد مثلت معركة الكرامة منعطفا هاما في حياتنا وذلك انها هزت بعنف اسطورة التفوق الاسرائيلي واثبتت امام العالم ان دروع جيشنا الباسل وسواعد ابنائنا البررة قادرة على تحقيق النصر وحماية ارض الوطن). كما ابرزت معركة الكرامة التلاحم الرائع بين ابناء الشعب مع قواتنا المسلحة حيث اختلطت دماء المناضلين بدماء اخوانهم من كافة الرتب والاسلحة مع المدنيين بفضل الصمود والشجاعة التي قادت الى النصر.
ونحن في هذا اليوم ونحن نحتفل جميعا بهذه الذكرى العطرة نبعثها تحية فخر واعتزاز لجلالة قائدنا الأعلى الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه والى كل من يرفع عالياً شعار «الجيش العربي» وإلى أرواح شهدائنا الأبرار وأننا على العهد ما دام فينا عِرق ينبض.
ولك المجد يا أردن العرب والصمود.