نيروز الإخبارية : نيروز الإخبارية :
د.حسان ابوعرقوب
نيروز الإخبارية : «حيرت قلبي معاك» هذا ما أستطيع أن أقوله لفريق من الناس كان ينادي بالديموقراطية، يعيش من أجلها، ويموت في سبيلها، ولا يؤمن بنظام غيرها، عليها يحيا، وعليها يموت، وعليها يبعث يوم القيامة حيا، ثم عند طفا على السطح قانون عن طريق ديموقراطي لا يوافق هواه، صار يغمز ويلمز بالمجلس التشريعي، ويصف فريقا من أعضاء مجلس الأمة المحترمين بما لا يليق. فالديموقراطية حلوة وجميلة إذا لبت شهواته ورغباته ووافقت هواه، فإذا جاءت رياحها بعكس ما يتمناه صار فهم النواب قاصرا وهو (أبو العريّف).
سمعنا بما حدث في قانون الأحوال الشخصية مؤخرا، وما دار حوله من جدل (صحي) واختلاف الرأي لا يفسد للودّ قضية، وقد بينت دائرة قاضي القضاة موقفها بوضوح من المادتين مثار النقاش، وبيّن سماحة قاضي القضاة الآثار المترتبة عند تعديل المواد كما أرادها مجلس الأعيان الموقر، أو عند الأخذ بما أقره مجلس النواب الموقر، فقطعت جهيزة قولَ كل خطيب، وتمّ التصويت باجتماع المجلسين، وأقِرّ القانون آخذا بما اقترحه مجلس النواب، وهو ما يوافق توجّه دائرة قاضي القضاة، وكفى الله المؤمنين القتال.
هذه هي الديموقراطية، وهذه قوانينها، وما كلّ ما يتمنى المرء يدركه، وعلينا أن نحترم المسار الديموقراطي الذي نطالب به، ونسعى لتثبيت أركانه، بغض النظر عن توجّهاتنا الشخصية، ومن لا يعجبه هذا المنتج، فليعمل عبر الطرق القانونية والديمقراطية لتغييره في المستقبل، هكذا تتصرف الأمم المحترمة.
أما ما أزعجني أن أرى بعض المثقفين يتباكون على النساء وحقوقهن، وكأن المسألة حياة أو موت، ويتكلم بالناحية الفقهية، كأنه شيخ الإسلام، وما كتبه لا يعدو كونه أوهاما وسرابا يظنها حقائق قاطعة، وصدق من قال: من تكلم بغير فنه أتى بالعجائب، وقد تناسى هؤلاء المتباكون والنائحون أنّ كل من صوّت على القرار من أعضاء المجلسين له زوجة وأخت وبنت وأم وخالة وعمة، وهو يراعي مصالحنّ، ولن يكون أيّ متباك أكثر حرصا على هؤلاء النساء من السادة أعضاء مجلس الأمة الموقر.
وأنا على يقين أن المجلس لو صوت بما يشتهيه هؤلاء، لجعله مجلسا قلّ نظيره، ووصفه أنه مجلس العدل والإنصاف، ونصير المستضعفين، وهذا دليل الهوى والتشهي، ولا يدلّ على احترام الديموقراطية ومفرزاتها.
لكل واحد الحق في أن يبدي رأيه، ولكن عليه أن يحترم رأي الآخرين، وأن يحترم نتائج الديموقراطية، لأن الأصل أننا جميعا تهمنا مصلحة الوطن والمواطن، إلا إن كان في الموضوع ( إنّ).