نيروز الإخبارية : نيروز الاخبارية :
د. طلال طلب الشرفات
استوقفني حديث بعض ممن شَغِلوا سابقاً مواقع عليا في الدولة الأردنية تحريضهم على الإحتجاج في شهر رمضان، وهم في حقيقتهم كانوا -وقتذاك- أدوات قمع، ورموز للواسطة، والمحسوبية، والفئوية، والجهوية، ويمارسون أدواراً مزدوجة، وخطابات متباينة، ومتناقضة بين الأمس واليوم. فيضفون على الحالة الوطنية مشهداً قاتماً، وبدلاً من نصح الحكومة، واقتراح الحلول للمشكلات الاجتماعية، والإقتصادية نجد خطابات للتوتير، وبث روح الإحباط، والفرقة واليأس، وتقديم أنفسهم حلولاً وطنية للأزمة من كافة جوانبها.
ويجب أن لا يظن أحدًا بأني أصادر حق الأردنيين في المطالبة، والمعارضة وفق أحكام الدستور، والقانون، وضوابط المصلحة الوطنية العليا النابعة من الضمير الوطني النقي، والمجرد من كل مصلحة أو هوىً، سيّما وأن أخلاقيات المعارضة الوطنية تقتضي تقدير الظرف الوطني وإدراك أن متطلبات صفقة القرن تقتضي رصَّ الصفوف والإلتحام مع القيادة، وإنجاح مهمة الحكومة صاحبة الولاية في إدارة شؤون الدولة وقيادة الصراع مع استحقاقات صفقة القرن، ومخاطر تهويد القدس الشريف إولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين.
أعي تماماً أن هذا الخطاب لا يُرضي كثيراً من النخب والفعاليات السياسية، والثقافية، والأكاديمية، وأُدرك بالمقابل الضغوط الإقتصادية، والمخاوف الشعبية من مخاطر الاعتداء على ثوابت الدولة الأردنية من التحالفات، والمؤآمرات الإقليمية، والدولية، ولكن الخيار الأوحد المتاح لنا هو التوحد، والتكاتف، والانخراط في متطلبات الاستقرار ورصّ الصفوف، والألتفاف حول قيادتنا الحكيمة التي أثبتت الأيام انحيازها لقضايا الأمة، والشعب، والسهر على مصالح الفقراء، والمعوزين، واحترام سيادة القانون.
في المقابل على الحكومة أن تجتهد في معالجة الأولويات والتي تشمل مزيداً من الجرأة في التحقيق الاحترافي للفساد، وتعزيز منظومة النزاهة، والرقابة الفعلية على الأدائين المالي، والإداري ومن ثمَّ اتخاذ قرارات جريئة في تعزيز الاستثمار وخاصة تلك المشاريع التي تُشغّل الأيدي العاملة، وتُحفّز النمو بشتى الوسائل، والطرق، والاستمرار في تطبيق الحكومة الإلكترونية؛ لأنها من ضوابط تقليل الفساد، وخاصة الرشوة، واستثمار الوظيفة وغيرها.
الحفاظ على الاستقرار الوطني "وخاصة" في المدى المنظور أضحى ضرورة وطنية تتجاوز خيارات الأحزاب، والقوى في حق الاحتجاج، واذا كان مجلس النواب هو الممثل للشعب في مراقبة أعمال الحكومة، ومحاسبتها على إخفاقها، وطرح الثقة فيها إن كانت هناك ضرورة، أو حاجة وطنية؛ فإن المسؤولية الوطنية تقتضي تأجيل أي احتجاجات، أو وقفات شعبية لحين انقشاع ضباب تفاصيل صفقة القرن، وتشكل الخيارات الوطنية في هذا الإطار وعندها؛ فليكن لكل حادث حديث ...!!!
د. طلال طلب الشرفات