نيروز الإخبارية : نيروز الاخبارية :
الكاتب : أحمد حسن الزعبي
قبل شهرين تماماً كان الرئيس السوداني عمر البشير في قمّة سلطته وقوته، يدير البلاد من ألفها إلى يائها، يقف بصلابة أمام مطالب المتظاهرين، ولا يتوانى في وصفهم بالمندسين والمخربين والمرتزقة وشذّاذ الآفاق، داعياً
السودانيين للوقوف صفاً واحداً ضد الشرذمة، أقال ولاة وعيّن ولاة جدداً.. عمل كل ما بوسعه لينهي مظاهر الاحتجاج، قتل متظاهرين وألصق التهمة بمندسّين من خارج السودان.. قام باتباع كل الطرق التي قام بها من سبقوه من المخلوعين.. لكنه لم يكن يعرف متى قدوم الساعة ومتى اقتراب الأجل السياسي، في لحظة سريعة بعد منتصف الليل تغيّر كل شيء.. وأزيح عن كرسّيه واعتقل، وأصبح الإعلام يسمّي المندسّين والمخربّين بالشعب السوداني
العظيم ويعترف بمطالبه المحقّة، وصار البشير مجرّد زعيم مخلوع كل أركان الدولة لا تمانع من محاكمته والقصاص منه..
بالأمس اعترف الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير بكل التهمّ الموجهة إليه، وكان صريحاً مع نفسه هذه المرة صادقاً مع حالته عندما قال أثناء المحاكمة «لقد أصابتنا دعوة المظلوم»..
لم يستفد البشير مما جرى لزين العابدين، ومبارك، والقذافي، وعلي عبداالله صالح، وبوتفليقة، بأن الشعوب لا تعاند، فحاول أن يجرّب «الشحططة» بنفسه، أنه مرض الكرسي يا سادة الذي لا يمكن الشفاء منه حتى لو دخلت أرجل الكرسي في بدن صاحبها بعد تكسيره من الغاضبين.
المفارقة في الوقت الذي كنت أقرأ تصريحات البشير وشعوره بالندم، جاءني فيديو يتم تداوله عبر «الواتساب» لرئيسة التشيلي السابقة «ميشال باشليت» التي أنهت ولايتها العام الماضي حيث لن تترشح للرئاسة مرة أخرى.. فقام الشعب التشيلي بتوديعها بالدموع والبكاء والتصفيق والتصفير والورود والسجاد الأحمر.. وقلت يا ربي لماذا لا يختار الزعيم العربي هذه الطريقة المحترمة المملوءة بالمحبة والمشاعر، بدلاً من أن يودّعوه.. بالرصاص والبصاق والأحذية والعصي والخوازيق مختلفة الأحجام..
لماذا لا يترك العربي مكانه إلا بعد أن يملأه بالآلام والدم..
الرأي