في الأسرة المتواضعة والمتشبعة بالقيم الأخلاقية والعلمية والثقافية، ولدت وترعرعت السيدة / مهربان علييفا، النائب الأول لرئيس جمهورية أذربيجان، حيث تمتع جدها ميرجلال باشاييف، فقد ذاع صيته بين الأوساط الأدبية العالمية كاكاتب اذربيجاني مبدع أما أبواها، فيرأس والدها الأكاديمي عارف باشاييفا الاكاديمية الوطنية للطيران منذ العام 1996، ووالدتها السيدة/ عائدة ايمانغوليفا، كانت باحثة رائدة في مجال أصول الثقافات واللغة والاستشراق. لقد غرست هذه الأجواء الفريدة في مهربان علييفا حبا وعشقا للشعر والموسيقى والفنون.
في السنوات الأولى برزت نشاطاتها بشكل مميز في المجالات الخيرية والإجتماعية والثقافية والسياسية، ولم تتوان السيدة/ مهربان علييفا من خلال مبادراتها المختلفة عن معالجة المشاكل المتفاوتة للشريحة العريضة من الشعب الأذربيجاني وفي مقدمتها قضية اللاجئون والمشردون وكثفت جهودها للبحث والسعي من أجل توفير الحياة الكريمة لها، بل وساهمت بدرجة كبيرة في تنمية المجتمع وبث الوعي الثقافي والنهوض بالمجالات الاقتصادية لتحقيق النهضة وذلك عبر المؤسسة غير الحكومية وهي مؤسسة حيدر علييف التي تأسست عام 2004 وتحمل إسم الزعيم الوطني للشعب الأذربيجاني.
لطالما كان ولا زال للأطفال والتحديات التي تحيط بهم اهتمام كبير في توجهات السيدة/ مهربان علييفا ونشاطاتها اليومية بدءً من بناء مدارس جديدة، مستشفيات، عيادات، معاهد تربية موسيقية، مرورا بمركز التلاسيميا ومشاريع تبرعات الانسولين والدم، وحملات عن التوعية بالرضاعة الطبيعية، وصولا الى إنشاء ودعم المخيمات الصيفية الخاصة باشراك الاطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة. الأطفال ليسوا فقط محور اهتمامها فحسب، ولكن المسنين وأسر الشهداء أيضا على ذات القدر في مجالات الصحة والمساعدة المادية.
في مجال الثقافة بشكل خاص، تظل مؤسسة حيدر علييف تضطلع بدور هام في مجال إحياء التراث الموسيقي الخاص بأذربيجان، المسمى "مقام" عبر انشاء مركز مختص بهذا النوع الموسيقي في العاصمة باكو، إضافة الى الترويج له في مناسبات وفعاليات في العواصم والمدن الغربية والشرقية مثل أيام الموسيقى الأذربيجانية التراثية.. كما قام المركز بدعم ورعاية العديد من المهرجانات والحفلات الموسيقية الراقية، لانطونيو فيفالدي، جورج غيرشويم ومهرجان الغبالا السنوي لموسيقى الذي يحضره موسيقيون واعدون من مختلف دول العالم، ناهيك عن دعم نشر الكتب والمجلات التي تروج للثقافة الأذربيجانية.
تمكنت مؤسسة حيدر علييف منذ بدء نشأتها من ترك بصماتها على الحضارة العالمية واظهار احترامها للقيم الانسانية العالمية والسلام والتنوع، والمشاركة في إذكاء روح التعاون والتحاور بين الثقافات والحضارات. ويمكن تعداد الكثير من الانجازات في هذا المجال من بينها: تأسيس قسم الفنون الاسلامية في متحف اللوفر في العاصمة الفرنسية باريس، وتمويل ترميم مبان لها طابع تاريخي انساني جامع مثل مبان في حديقة قصر فيرساي وفي مجمع متحف اللوفر وفي قصر مدينة برلين، التي كانت مدمرة بعد الحرب العالمية الثانية. اضافة الى ترميم مخطوطات نادرة في أرشيف الفاتيكان ومدافن قديمة فيه. ويعتبر ترميم (حجرة الفلاسفة) في متحف الكابيتولين في روما واحدا من أهم انجازات هذه المؤسسة في هذا المجال.
الإعلاء من قيم التسامح والسلام هو من أسمى أهداف مؤسسة حيدر علييف على نطاق داخلي وخارجي كما ويعكس ذلك مفاهيم التنوع الديني الموجود في أذربيجان ، الذي تتعايش في جميع الاديان جنبا الى جنب بمنتهى الانسجام والتناغم ، وقد قامت السيدة/ مهربان علييفا بتنظيم العديد من الفعاليات العالمية التي تدعو لحوار الاديان وإرساء السلام. كما وقد قامت المؤسسة ببناء وترميم الكثير من المساجد والكنائس الكاثوليكية والارثوذوكسية ضمن مبادرتها "أذربيجان.. أرض التسامح".
على صعيد المساعدات الخارجية في المجال الصحي، فقد لعبت المؤسسة دورا هاما وبارزا في عدة مشاريع وبرامج انمائية خارجية استحقت من خلالها لتقدير دولي هام ، من بينها مشروع علاج مجاني لمرضى القلب بالتشارك مع مؤسسة لوان بوب دو بوبا، وأيضا التبرعات لمركز اورام وأمراض دم الاطفال في مدينة ييكاترنبرغ في روسيا. أما في باكستان فقد تم تنفيذ عدد كبير من المبادرات والمشاريع من بينها: التطعيم باللقاحات، عمليات قلب مفتوح، تبرعات لمستشفى العيون، ومركز التلاسيميا وبرامج نقل الدماء.
ومن الجدير بالذكر بأن ضحايا الأزمات والكوارث الطبيعية في العالم ليسوا بمعزل عن إهتمام السيدة/ مهربان علييفا، فقد ساهمت السيدة الاولى مساهمة كبيرة في مد يد العون لهم وحاولت التخفيف من آلامهم ومواساتهم . مثال على ذلك: مساعدة كل من رومانيا وهاييتي على التعافي من آثار الكوارث الطبيعية، وبناء مدارس جديدة للفتيات التي دمرتها الزلازل في باكستان، الى جانب عدة برامج انمائية في هذا البلد. في سبتمبر 2011، وقد منحت مؤسسة حيدر علييف مساعدات مالية الى "الرابطة الفرنسية لضحايا الارهاب” لمساعدتها في تنظيم مؤتمرها الدولي السابع لضحايا الارهاب والذي عقد في العاصمة الفرنسية باريس.
كنتيجة لتلك الانجازات التي عبرت عنها من خلال مسيرتها و قيادتها المؤسسة، وغيرها، فقد منحت منظمة اليونيسكو السيدة/ مهربان علييفا مهربان علييف لقب سفيرة النوايا الحسنة في العام 2004، تقديرا لجهودها في الحفاظ على وتطوير الارث الادبي والموسيقي للثقافة الأذربيجانية. أما ايسيسكو فمنحتها في العام 2006 اللقب ذاته تقديرا لجهودها البارزة في نواح مختلفة وارجاء مختلفة من العالم الاسلامي.
العناية بالرياضة تحظى باهتمام خاص للمؤسسة التي لعبت دورا في احتضان أذربيجان للنسخة الأولى من الألعاب الاوروبية في العام 2015. وفي السنة ذاتها، استقبلت باكو كأس العال لمنافسات الجمباز الايقاعي، متوجة بذلك مسيرة من الاهتمام بهذه اللعبة بدأت بتنظيم منافسات في عامي 2003 و2004 لهذه اللعبة التي ترأست السيدة/ مهربان علييفا المؤسسة المنظمة الخاصة بها في أذربيجان، نظرا لإنتخابها رئيسا للأتحاد الأذربيجاني للجمباز عام 2002.
وقد لعبت السيدة/ مهربان علييفا دورا رئيسا في ملف الدورة الأولى من الالعاب الاوروبية، حيث قادت بنفسها جهود اللجنة التي سعت لهذه المبادرة الرياضية العالمية التي أدت الى بذل مزيد من الجهود في ترويج أذربيجان كوجهة للرياضة في العالم. وتم تتويجها باحتلال أذربيجان المرتبة الثانية في هذه الالعاب. وقد تم تكريم جهود المؤسسة في 29 يونيو 2015 من الرئيس الأذربيجاني لاسهاماتها في جميع المجالات التنموية للبلاد، مثل الرياضة والثقافة والصحة والتعليم.
ولم تكن الألعاب الأوروبية الحدث العالمي الضخم الوحيد من نوعه الذي قامت السيدة/ مهربان علييفا على تنظيمه بصورة ناجحة، فقد تم اختيار السيدة/مهربان علييفا لكي تكون رئيسا للجنة تنظيم استضافة الدورة الرابعةلألعاب التضامن الاسلامي في أذربيجان التي إحتضنها العاصمة باكو على إمتداد الفترة من 12 مايو الى 22 مايو عام 2017 والتي حققت هي الأخرى نجاحا باهرا من كل النواحي وأثبتت مجددا نزوع الشعب الأذربيجاني الى الرياضة ودعم الدولة، ولا سيما السيدة/ مهربان علييفا لهذه القيمة العريقة والمتجذرة في دماء الشعب، الى جانب دور مؤسسة حيدر علييف في إستضافة باكو سباق فورمولا واحد للموسم الرابع على التوالي الذي يعد فعالية رياضية إستثنائية في عالم سباقات السيارات الفارهة.
ومن الجدير ذكره ايضا في هذا السياق، بأن السيدة/ مهربان علييفا قادت جهود اللجنة المنظمة لاستضافة باكو لفعاليات يوروفيجين، مسابقة الأغنية الأوروبية التي ينظمها الاتحاد الإذاعي الأوروبي منذ عام 1956، والتي باتت تعتبر أطول برنامج تلفزيوني في العالم وأهم حدث من نوعه في القارة الاوروبية. آلاف الزوار من كل دول العالم توافدوا الى باكو لحضور عروضات هذه المنافسات وعبروا عن رضاهم للحفاوة والضيافة التي لمسوها، وعن التطور السريع الذي تعكسه أذربيجان في مختلف مرافقها.
وتكريما لجهودها، فقد حصلت السيدة/مهربان علييفا خلال فترة ما بين 2004-2019 على الكثير من الاوسمة والجوائز من دول مختلفة ومنظمات عالمية مثل وسام الشرف الفرنسي، الهلال الباكستاني، وسام الصداقة الروسي وفرسان الصليب الأكبر لوسام إستحقاق الجمهورية الإيطالية وجائزة الدولة الصربية، جائزة دولة هنغاريا، جائزة روبي من المنظمة الخيرية الدولية في روسيا، جائزة منظمة الصحة العالمية، وسام الاستحقاق من اللجنة الاولومبية الاوروبية، جائزة القلب الذهبي الدولية، وسام الاستحقاق رفيع المستوى من بولندا، ميدالية موازارت من الاونيسكو، جائزة الزهرة الذهبية العالمية من كندا، الديبلوم الفخري من الكويت.. جزء من هذه الجوائز والتكريمات. في السياق المتصل، منحت مجلة "ذا بيزنس يير" عام 2014 للسيدة/ مهربان علييفا جائزة "السيدة الأولى للعام" وذلك بفضل مشاركتها الفاعلة في الحياة العامة والإجتماعية والثقافية في أذربيجان وإسهاماتها المهمة في التنمية الدينامية للمجتمع وخدماتها منقطعة النظير في الترويج للثقافة الأذربيجانية عالميا، بما في ذلك دعمها الشامل للحفاظ على التراث الثقافي العالمي وإلتزامها بمبادئ العدالة الإجتماعية والإنسانية.
لا شك بأن العوامل المنوه عنها أعلاه وكذلك الصفات الإنسانية الراقية التي تتحلى بها السيدة/ مهربان علييفا، بما في ذلك عملها الدوؤب على صعيد النهوض بشعبها ووطنها فقد اكسبها سمعة طيبة في بلدها وبين ابناء شعبها وكذلك الأمر دوليا حيث أتى ذلك بفضل إسهاماتها الضخمة على مختلف الأصعدة وفي مقدمتها المجالات الثقافية والإنسانية العالمية، مما مهد لها الطريق لكي تتولى أرفع المناصب ، وقد حان هذا اليوم المشهود الذي دخل في تاريخ الشعب الأذربيجاني الحديث بمثابة تدشين لنجاحات متوالية مقبلة ليست بالبعيدة. حيث وقع فخامة/ إلهام علييف رئيس جمهورية أذربيجان في 21 فبراير عام 2017 على مرسوم تم بموجبه تعيين السيدة/ مهربان علييفا نائبا أول لرئيس جمهورية أذربيجان الأمر الذي لقي ترحيبا واسعا لدى المواطنين الذين ينظرون الى سيادتها بنظرات مليئة بالحب والإعتزاز والتقدير والتفائل والإطمئنان.
وبعد هذه الثقة الغالية، استمرت السيدة/ مهربان علييفا في بذل المزيد من الجهود لزيادة المساهمة في تعزيز النظام السياسي الأذربيجاني، ورفع مستوى العدالة من أجل أذربيجان، وسعت من خلال تلك الجهود ، سواء كانت مع شخصيات أجنبية أو شخصيات عامة أو سياسية أو ممثلين إعلاميين أو علماء، الى احداث إقليمية ودولية لإيصال رسالة سلام وتسامح وإضفاء مزيد من الوعي على واقع أذربيجان.
سفارة جمهورية أذربيجان لدى المملكة الأردنية الهاشمية
بمناسبة العيد الوطني الثامن والعشرين لجمهورية أذربيجان
يوم الجمهورية
يحتفل الشعب الأذربيجاني اليوم بالعيد الوطني الثامن والعشرين لاستقلال جمهورية أذربيجان. ففي مثل هذا اليوم من عام 1918، تم قيام أول جمهورية ديمقراطية ذات طابع برلماني في الشرق الإسلامي وهي جمهورية أذربيجان الشعبية التي عاشت على مدى 23 شهرا.
لقد شهدت الجمهورية خلال الفترة من 28 مايو عام 1918 الى 28 أبريل عام 1920 تداعيات الإنقلابات الشيوعية والحرب الأهلية في روسيا وعواقب الحرب العالمية الأولى والصراعات العرقية والمزاعم التي أطلقتها أرمينيا حول ضم الأراضي الأذربيجانية التاريخية. وسهلت تلك الأحداث التي أوقعت منطقة القوقاز في فوضى وإضطراب كاملين إحتلال الجيش السوفييتي للمنطقة باسرها. وعلى الرغم من ذلك، قامت جمهورية أذربيجان الديمقراطية ذات طابع برلماني وتمكنت على إمتداد فترة وجودها من إتخاذ عدد من الخطوات المهمة في عملية بناء الأمة على أساس تقاليد الدولة وتاريخ الشعب الأذربيجاني.
وحتى يومنا هذا، وكما كان عام 1918، يظل إعلان الإستقلال الذي أرسى الأسس التشريعية لجمهورية أذربيجان الديمقراطية، وثيقة ملهمة وبالغة الأهمية بالنسبة لأذربيجان. فبموجب هذه الوثيقة، أعلنت أذربيجان جمهورية برلمانية ديمقراطية ملتزمة بمبادئ سيادة القانون ونظام التعددية الحزبية وعلاقات الجوار الطيبة والتسامح والحقوق المتساوية لكل القوميات التي تسكن في أذربيجان.
ويعد تمثيل جميع التيارات السياسية والقوميات والأعراق الرئيسية في البرلمان الوطني ذي المئة وعشرين مقعدا, شاهد حي علي التزام أذربيجان بالتعددية الحزبية والنظام البرلماني متعدد القوميات. وآنذاك، قدم البرلمان الذي يضم إحدي عشرة لجنة أكثر من 270 قانونا للمناقشة, وتمت الموافقة علي 230 منها في أقل من عامين. وكانت من ضمن تلك القرارات، منح المرأة حق الاقتراع وبالتالي، الشعب الأذربيجاني لفخور بأن بلاده سبقت بتلك الخطوة حتي الدول الأكثر تقدما في العالم حينذاك.
من جهة أخرى، تم إعتماد العلم ذي الألوان الأزرق والأحمر والأخضر مع الهلال والنجمة الثمانية الأطراف، حيث يرمز لونه الأزرق الى إنتماء الشعب الأذربيجاني الي الأصول التيوركية ولونه الأحمر الى الحرص على بناء المجتمع الحديث وتطوير الديمقراطية واللون الأخضر الى الإنتساب الى الحضارة الإسلامية. ومنذ عام1920، حظر النظام السوفيتي استخدام هذا العلم ثلاثي الألوان، إلا أنه عاد ليكون علم جمهورية ناختشيوان ذات الحكم الذاتي في 17 نوفبر عام 1990 وثم جمهورية أذربيجان قبيل إستقلالها عن الإتحاد السوفييتي عام 1991 بأشهر وذلك بمبادرة كريمة من الزعيم الوطني للشعب الأذربيجاني حيدر علييف، حينما كان رئيس المجلس الأعلى لجمهورية ناختشيوان ذات الحكم الذاتي وثم رئيس جمهورية أذربيجان.
لقد تم في عهد الجمهورية الشعبية إلغاء الرقابة على وسائل الإتصال والحقوق الأساسية الأخرى التي فرضها النظام الامبراطوري القيصري. كما جرى إتخاذ قرار بتأسيس جامعة باكو الحكومية التي تظل اليوم مثار فخرنا واعتزازنا وتواصل أداء رسالتها المتمثلة في تعليم شباب وشابات أذربيجان. وبرغم الصعوبات المالية، قامت الحكومة في تلك الفترة بتمويل دراسة مائة طالب أذربيجاني في الخارج.
وفي فترة قصيرة من الزمن، تطور الجيش الوطني والنظام المالي الاقتصادي المستقل. وتم صد المزاعم حول الأراضي والسياسة الاستفزازية للجارة أرمينيا. وبدأت أيضا المفاوضات التجارية مع البلدان الأخري لإمداد السوق العالمية بصادرات النفط من أذربيجان المستقلة.
على صعيد دولي، نالت الجمهورية الفتية الإعتراف الدولي خلال مؤتمر بارس للسلام بعد محادثات دبلوماسية مكثفة مع قيادة دول الحلف. بيد أن الجمهورية الأولي ما إستكملت للأسف ذكراها الثانية للإستقلال بشهر. إذ أنه في 25 ابريل عام1920، عبرت القوات البلشفية أراضي أذربيجان ودخلت باكو يوم 28 ابريل وطالبت باستقالة البرلمان الأذربيجاني. هكذا إنتهت المرحلة الأولى من تاريخ جمهورية أذربيجان االمستقلة ذات التقاليد والقيم الديمقراطية.
مع مضي الزمن، إستطاعت أذربيجان أن تستعيد إستقلالها بعد السبعين عاما من العهد السوفييتي فور تفكك الإمبراطورية السوفييتية وذلك في عام 1991. غير أن الجمهورية الثانية كانت على حافة الإختفاء الوجودي من جراء المشكلات الداخلية والخارجية، ألا وهي الفوضى السياسية والإقتصادية والإجتماعية، بالتوازي مع العدوان العسكري من قبل أرمينيا المجاورة بدعم عسكري خارجي، ما أسفر عن إحتلال 20% من أراضي أذربيجان التاريخية وتشريد وتحول الى لاجئين أكثر من مليون أذربيجاني.
وفي ضوء هذه التطورات التي تضع مصير الدولة على المحك، توجه الشعب الأذربيجاني بنداء الى القائد العظيم حيدر علييف ذي الخبرة والحنكة السياسية المتراكمة من خلال توليه المنصاب الرفيعة أيام الإتحاد السوفييتي والذي كرس حياته لشعبه الغالي، توجه بنداء حتى ينقذه من الكارثة القائمة. فلبى الزعيم الوطني نداء شعبه وتقلد زمام الحكم بعد الإستفتاء العام.
حيث سارع الزعيم الوطني حيدر علييف الى وقف إطلاق النار مع أرمينيا المحتلة وبدء المفاوضات مع الدول المشاركة في حل النزاع لإعادة الأراضي المحتلة، الى جانب تعزيز مؤسسات الدولة وتوسيع آفاق العلاقات الخارجية التي اشتدت الحاجة إليها وبناء الجيش ووضع أسسا استراتيجية شاملة في مجال الطاقة بما في ذلك تمهيد الطريق للتنمية المستدامة طويلة الأمد للبلاد. هكذا بدأت حقبة جديدة من حياة جمهورية أذربيجان المستقلة. بعبارة واحدة، أخرج القائد العظيم حيدر علييف البلد من مرحلة الشكوك والمصاعب التي سادت مطلع تسعينيات القرن الماضي وأولجه في آفاق المستقبل المشرق.
وتشدد السفارة على أن المملكة الأردنية الهاشمية تعد من أوائل الدول العربية التي سبق لها أن إعترفت بإستقلال جمهورية أذربيجان وذلك في 28 ديسمبر عام 1991 وأعقبه إقامة العلاقات الدبلوماسية في 13 فبراير عام 1993. ليس من باب الصدفة أن المملكة الأردنية وقائدها العظيم آنذاك الملك الحسين بن طلال، رحمة الله عليه وطيب الله ثراه، قد ألم من خلال تجرته السياسية الغنية بثمن الإستقلال، فلذا لم يتوان في شأن الإعتراف بإستقلالنا. وثم جاء اللقاء التاريخي الذي جمع بين القائدين العظيمين المغفور لهما هما حيدر علييف رئيس الجمهورية في ذلك الوقت والملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراهما، على هامش القمة الإسلامية بدار البيضاء المغربية في 13 ديسمبر عام 1994، جاء ليضع أسس علاقات الصداقة والتعاون المتينة والقوية التي تزداد اليوم صلابة في ظل الصداقة والأخوة القائمة بين فخامة/ إلهام علييف، رئيس جمهورية أذربيجان وجلالة/ الملك عبدالله الثاني إبن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية.
وبعد إنتخاب فخامة/ إلهام علييف رئيسا لجمهورية أذربيجان في أكتوبر عام 2003 بدعم مطلق من شعبه الحكيم، إنطلقت صفحة جديدة وناجحة بكل المعايير من علاقاتنا الثنائية، حيث تأسست البعثة الدبلوماسية في كل من عمان وباكو وقام فخامة الرئيس بالزيارتين الرسميتين الى الأردن وجلالة الملك زار أذربيجان ايضا مرتين. ثم جرت الزيارات المتبادلة على مستوى الوزراء ورؤساء الهيأت التشريعية وما الى ذلك. كما بدأ عمل اللجنة الحكومية المشتركة المعنية بالتعاون التجاري والإقتصادي والفني التي إستضافت العاصمة عمان جلستها الثالثة في شهر فبراير عام 2018. واليوم، نعمل مع الجهات المعنية في كلا البلدين على تنظيم في عام 2020 الجلسة الرابعة في العاصمة باكو، لأن اللجنة تجتمع كل سنتين.
في نفس السياق، هناك التعاون الثنائي الناجح في إطار المنظمات الدولية. وفي هذا الصدد، تعرب السفارة عن عميق شكرها للأردن على موقفها الثابت من النزاع الأرمني الأذربيجاني حول قاره باغ الجبلي الذي أدى الى إحتلال 20% من أراضينا الأم وتشريد أكثر من مليون أذربيجاني من ديارهم وذلك من قبل أرمينيا.
وبينما نحتفل بالذكري الثمانية والعشرين لاستقلالها، أصبحت أذربيجان اليوم بلدا ديمقراطيا ينمو بحيوية، بلدا ملتزما بالأعراف الديمقراطية، مستلهما تقاليد الجمهورية الأولي. وتحت قيادة فخامة الرئيس/ إلهام علييف، تحولت أذربيجان الي أحد الاقتصادات الأسرع نموا في العالم وبر الأمان والإستقرار وصاحب الكلمة الأخيرة في منطقة جنوب القوقاز.
كما تضطلع الجمهورية اليوم بدور هام للغاية في أمن الطاقة في أوروبا بفضل شبكة خطوط الأنابيب للنفط والغاز مثل خط الأنابيب للنفط باكو-تبيليسي-جيهان وخطوط الأنابيب للغاز TAP وTANAP، الى جانب كونها حلقة الوصل بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب بواسطة ممرات النقل ومنها "الطريق الحريري للحزام الإقتصادي" الذي تشارك أذربيجان فيه بفاعلية.
أما المؤشرات الإقتصادية والإجتماعية التي أحرزتها أذربيجان منذ رئاسة القائد العظيم حيدر علييف بين الأعوام 1993-2003 الى الربع الأول من عام 2019 بقيادة فخامة/ إلهام علييف رئيس جمهورية أذربيجان، فنرى أن أذربيجان تحتل المرتبة الخامسة والعشرين حسب تقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2019 لمنظمة الأمم المتحدة وتُعتبر من الدول العشر أكثر تنفيذا للإصلاحات.
كما تم خلال السنوات المذكورة إستثمار 250 بليون دولار أمريكي في الإقتصاد الوطني الذي كبر أكثر من 3 أضعاف أثناء تلك الفترة ومنح القروض الميسرة لرجال الأعمال بقيمة 1.2 بليون دولار أمريكي. واضيا شهدت القطاعات غير النفطية والصناعية والزراعة زيادة 2.8 ضعف و2.6 ضعف و1.7 ضعف بالموافقة، الى جانب التصدير غير النفطي الذي إرتفع 4.1 ضعف. وبموجب تقرير التنافسية العالمية للمنتدى الإقتصادي العالمي، فتتصدر أذربيجان من بين دول رابطة الدول المستقلة وتحتل المركز الخامس والثلاثين عالميا.
من جهة أخرى، تراجع مستوى الفقر من 50% الى 5.4% وتم توفير 2 مليون فرصة عمل وإنخفضت نسبة البطالة لتصل اليوم 5% وكثر إحتياطي النقد الأجنبي ليبلغ 46 بليون دولار أمريكي في عام 2018، في حين كان على حد 1.8 بليون دولار أمريكي عام 2003.
بالتوازي، ينبغي الإشارة الى دور فريد الذي تتحمله مؤسسة حيدر علييف برئاسة السيدة/ مهربان علييفا، النائبة الأولى لرئيس الجمهورية وسفيرة النوايا الحسنة لدى منظمة اليونسكو ومنظمة الايسيسكو في الإرتقاء بمستوى التعليم والصحة في أذربيجان، حيث تم بمبادرات كريمة من السيدة/ مهربان علييفا إنشاء أو إعادة بناء أكثر من 3 آلاف مدرسة وما يفوق 600 منشأة طبية. في الوقت ذاته، أسهمت السيدة/ مهربان علييفا إسهاما كبيرا في إستضافة الفعاليات الثقافية والإنسانية والرياضية الدولية التي أذاعت صيت أذربيجان كدولة متسامحة ومرحبة بالحوار بين الحضارات والثقافات ورياضية.
وفي مطلع تسعينيات القرن المنصرم، كانت قلة قليلة فقط هي التي آمنت بإمكان خروج البلاد من دوامة الفوضى العارمة وصمودها باعتبارها دولة ذات سيادة بسبب العدوان الأرميني والصعوبات الداخلية السياسية والاقتصادية. بيد أن أذربيجان بقصة نجاحها تمكنت من التغلب علي جميع أوجه التشاؤم وأثبتت أن استقلالها وتطورها الناجح أمر أبدي لا رجعة فيه كما قال حيدر علييف القائد الوطني للشعب الأذربيجاني.
في الختام، تدعو السفارة الاشقاء الأردنيين الأعزاء لزيارة أذربيجان التي تحولت اليوم الى محط الأنظار للسياح من دول العالم، لا سيما الدول العربية. والجدير بالذكر أن عدد السياح العرب الذين زاروا البلاد في عام 2018 يتجاوز رقما في 550 ألف سائح.