نيروز الاخبارية : بقلم الدكتور قاسم جميل العمرو
من المؤكد ان السياسة تفرق ولا تقرب في اغلب الاحيان لانها مبنية على المصالح فتكون أقرب الى التفرقة في حال تعارض المصالح، جماعة الاخوان المسلمين احترفت العمل السياسي تحت غطاء العمل الدعوي والخيري بعد تأسيس جمعيتهم ورعايتها من قبل الملك عبدالله الاول في أواسط اربعينيات القرن الماضي. مسيرة الاخوان في الاردن واكبت التطورات السياسية التي مرت بها المنطقة وخصوصا حالة الفوضى السياسة في خمسينيات القرن الماضي، التي رافقت تحدي الاحزاب السياسية للنظام، ولولا هذه الفوضى لسطر الاردن دروسا مهمة واصبح مثالا يحتذى في العمل السياسي البرلماني وتداول السلطة. لقد استفادت جماعة الاخوان المسلمين من قرار حظر الاحزاب السياسية الذي اعلنته الحكومة الاردنية عام 1957 بشكل واضح حيث تمددت بالعمل الخيري والدعوي ووقفت الى جانب النظام السياسي بوجه المد الشيوعي والقومي، في حين مارست الانظمة العربية كل اشكال القمع ضد الاخوان في مصر وسوريا والعراق وقد وصلت عقوبة الانتساب للاخوان الى الاعدام في بعض تلك الدول. في فترة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات تعاظم حضور الجماعة في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والتعليمية لتشكل قاعدة مهمة لاسلمة المجتمع مستفيدة من الظروف التي واجهتها الاحزاب الاخرى. وقد قطفت ثمار ذلك في الانتخابات البرلمانية لعام 1989بفوزها بأكثر من 30% من مقاعد البرلمان ويعود ذلك للقدرة التنظيمية وحسن التواصل مع القواعد الشعبية وانفرادها بالعمل الخيري واستغلالها القضايا السياسية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية فاقامت المهرجانات الخطابية واستدرت تعاطف الناس الديني مع خطابها الشعبوي. بعد هذا الفوز توترت العلاقة بين الجماعة والحكومة واتخذت الاخيرة قرارات شكلت قيدا على تمدد الجماعة وحضورها السياسي بعد ان فرضت قانون الصوت الواحد فقررت الجماعة اعلان مقاطعتها لاكثر من انتخابات نيابية ومجالس محلية. وبعد هذه المرحلة ثمة خلافات جوهرية برزت بين تيارات الاخوان المتصارعة على النفوذ داخل مؤسسات الجماعة وتمكن المعتدلين من اقصاء المتشددين عن مواقع اتخاذ القرار في بعض الاحيان، وتعمقت الخلافات بشكل اكبر حول قضايا المشاركة في الحكم والانتخابات ومنهم من حرم المشاركة مثل الدكتور محمد ابوفارس. الى ان وصلت الخلافات الى حد كسر العظم فتداعى عدد من قيادات الاخوان بتأسيس جمعية تتولى شأن الاخوان في الاردن وتشرف على أهم ذراع اقتصادي وهو جمعية المركز الاسلامي التي تملك المستشفى الاسلامي وقد بلغت الخلافات اوجها حتى تم حسم الخلافات بتأييد المحمكة لملكية جماعة الاخوان لجمعية المركز الاسلامي. هذا الخلاف مفهوم ويحصل في اطار التجاذبات السياسية ولكن ثمة علامات استفهام تلف مستقبل جماعة الاخوان المسلمين في الاردن هل الجماعة ام الجمعية ستكون اكثر اقناعا لكوادر الاخوان ليقرروا البقاء في اطارها اذا ما علمنا ان الذراع السياسي للجمعية هو حزب زمزم المنفتح على كل شرائح المجتمع والذراع السياسي للجماعة هوحزب جبهة العمل الاسلامي الذي يشكل ركيزة للعمل السياسي المنظم والمؤسسي في الاردن. ا
ستاذ العلوم السياسية في جامعة البترا