يصنف القطاع الثقافي الكتاب بانهم المحرك الاساسي والقوي في عملية التنمية الثقافية والفكرية الشاملة والمستدامة في الدول المتقدمة ولهم بصمات واضحة في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية والصحية والتعليمية على نطاق المجتمع المحلي .
الكتابة هي موهبة من أهم المواهب العالمية القادرة على تغيير العديد من المفاهيم والاشياء سواء بالنسبة للكاتب نفسه أو بالنسبة للمجتمعات، و الكاتب الموهوب يحتاج الى مهارة عالية في الكتابة حتى يصل مرحلة التفرد والمنافسة مع الكتاب الكبار , ويجب عليه أن يعمل بجد واجتهاد وبدعم وتشجيع وتحفيز من افراد قيادات وكفاءات ومؤسسات متخصصة ومعنية بالشأن الثقافي سواء بشكل مباشر او غير مباشر حتى يصل الى مرحلة دعم الكتابة بالمعرفة والعلم والثقافة .
الدول المتقدمة تدرك جيدا ان الكتاب والادباء هم الاساس في بناء المنظومة الثقافية للدول , مما يدفعها الى التعامل الصحيح معهم وخاصة المواهب الجديدة في الكتابة تنظيرا وتطبيقا , حيث تقوم هذه الدول بتفويض لجان متخصصة من كبار الكتاب والمثقفين للعمل على رعايتهم وتمكينهم من التطور وتبوؤ مكانتهم المناسبة في الحركة الثقافية , وكذلك تحفيزهم من خلال المسابقات الادبية ومثال ذلك جائزة نوبل والتي تعتبر الأكبر في العالم حيث يتم تخصيص جائزة سنوية لأفضل كاتب على مستوى العالم , بالاضافة الى ان هذه اللجان تعمل بكل امانة و مسؤولية على تذليل كافة التحديات والصعوبات التي تواجههم من مختلف الجوانب بهدف الوصول الى تنمية ثقافية وفكرية متوازنة ومستدامة للأجيال الحاضرة والمقبلة .
في العديد من الدول النامية يقتصر العمل الثقافي والادبي للعديد من المؤسسات الثقافية على عقد وتنظيم الفعاليات والأنشطة الثقافية من امسيات شعرية وادبية وفنية وتسليط الضوء على كبار الكتاب والادباء والمثقفين الذين تجاوزت اعمارهم الستينات والسبعينات , وكذلك عدم وجود لجان متخصصة معنية لاكتشاف المواهب الجديدة في الكتابة و رعايتهم وتمكينهم من التطور وتبوؤ مكانتهم المناسبة في الحركة الثقافية , حتى وصل الامر ببعض المؤسسات الثقافية والتي تعتبر مدرسة وجامعة في نفس الوقت وحاضنة للكتاب والمثقفين من الاعتذار عن تقديم التغذية الراجعة للكتاب الجدد على مؤلفاتهم بعد التقدم للحصول على العضوية , وهذا الاجراء التعسفي هو دليل واضح وقطعي على ما وصلت اليه الدول النامية من رجعية وضعف في ادارة المنظومة الثقافية , بالوقت الذي يحتم عليهم الواجب الوطني والديني والاخلاقي الانتباه والتركيز على المواهب الشبابية الجديدة في الكتابة بهدف صناعة جيل يتولى قيادة العمل الثقافي مستقبلا بكل اقتدار وكفاءة وامانة ومسؤولية .
ان أهم أسباب فشل العديد من الكتاب الجدد الموهوبين في الدول النامية من مواصلة العمل الثقافي ناتج عن اسباب كثيرة واهمها التي تتعلق بالقدرات المالية للعديد من المؤسسات الثقافية , و عدم توفر الخطط والبرامج الكافية لاستقطاب الكتاب الجدد ورعايتهم وتنمية قدراتهم الكتابية ، و عدم وجود جهات داعمة ومحفزة للمواهب الجديدة في الكتابة , اضافة الى ان القيادات الثقافية الهرمة والكسولة لا تمتلك رؤية استراتيجية حول المنظومة الثقافية , و الاحتكار والانانية والمزاجية والعنصرية عند بعض اللجان القائمة على العمل الثقافي, و ربط العلاقات الشخصية والتنفيعات بالدعم والرعاية الثقافية في بعض المؤسسات , و المحبطون واعداء النجاح , و اسناد الامر الى غير اهله.
اليوم وفي ظل التخبط وعدم التخطيط السليم والممنهج للعديد من المؤسسات المعنية بالعمل الثقافي بوجود القيادات الهرمة وغير المسؤولة , يقف الكتاب الموهبون والمثقفون عامة من فئة الشباب حائرين , من هي الجهة المعنية لاكتشاف المواهب الجديدة في الكتابة بمختلف انواعها ورعايتها وتمكينها من التطور وتبوؤ مكانتها المناسبة في الحركة الثقافية على المستوى المحلي والاقليمي والعالمي ؟... بقلم محمد محسن عبيدات