ربما من أصعبِ الأمور في وقتنا الحاضر أن ترى الفرح يغلّف الحياة البشرية كنتيجة لما آلت إليه الأمور من صعوبات جمة في الحياة فاقمتها جائحة كورونا التي لم يخلو بيت من لذعتها وانعكاس أثارها صحياً ونفسياً واقتصادياً واجتماعيا، عداك عن الأوضاع الإقتصادية الصعبة تبعاً لذلك وتسريح الآلاف من أعمالهم وازدياد أعداد البطالة وتراجع دخل العائلات وتقهقر الطبعة الوسطى. هذا اضافة إلى تعقيد الأوضاع السياسية السائدة في شرقنا العربي وعلى رأسها القضية الفلسطينية. وتأتي حرائق حوض البحر المتوسط ومنها حرائق الجزائر التي يَعتقد الكثيرون أنها حرائق مفتعلة كنيجة لمواقف الجزائر العروبية واشتداد عصبها، وفيضانات ألمانيا والصين، لتنزع الفرح من قلوب البشر وتنشر الخوف القلق الحزن.
والإنسان الذي يلفه الحزن والخوف والقلق يصبح إنساناً سلبياً يتوقف عن الحركة وعن العمل الجاد والمُنتج وينحصرُ اجتماعياً مما يؤدي إلى بُروز أمراضٍ مجتمعيةٍ جمّة وجب علاجها والعمل على حلّها لأنَّ المجتمعات لا تتطور ولا تنمو من غير الإستقرار والسلام والفرح. فعودة الفرح إلى قلوبنا يحتاج إلى صناعة، ومن هنا ربما جاء مصطلح " صناعة الفرح" تماماً كما يتم صُنْعُ أمورٍ كثيرة ضرورية، إذ يأتي في سلم أولوياتها صناعة الفرح الذي يعيد للإنسان توازنه وينعش قلبه ويفتح أمامه أبواباً جديدة من التفاؤل والنهوض من تحت الركام ومواصلة المسير.
فصناعة الفرح هي دعوة إلهية للنهوض من جديد ومن واقعنا الأليم والصعب واثقين بأنّ الغد أفضل وبأن الحياة تتطلب منَّا أن لا نكِّل ولا نتعب في مواصلة العمل والتسلُّح بالعزم والإصرار على النجاح لأنَّ الحياة لم تُخلق عبثاً ولم نُخلق لنموت بل خُلقنا لنعطي حياة ونزرع الفرح وننشر الأمل والرجاء في قلوب الجميع. فلنصنع الفرح من خلال الفن والجمال والموسيقى والشعر والعادات المستحبة واللقاءات المثمرة والحوارات البناءة لنساهم في فك قيود الناس من آلامها وشفائها من جروحها النفسية قبل الجسدية، لتقدر أن تعيش بإنسانيتها بكل ما فيها من حب ومشاعر وأحاسيس وعطاء وتضحية.
يبقى صناعة الفرح من أصعب الأمور التي تواجه الإنسان، ولكنها من متطلبات عالم اليوم وهي ضرورة إيمانية وواجب إنساني لرفعة عالمنا.