أهم شيء للنجاح في الحياة هو حسن القيادة والإدارة، ومع أنَّ الإدارة عِلمٌ قائم بذاته وهو تخصص جامعي إلا أن مبادئ علم الإدارة يجب أن تكون متطلب لكل التخصصات لأن نجاح أي عمل يتطلب إدارة حكيمة وفعالة ومبنية على أسس ومقومات تسهم كأدوات بناء لا كمعاول هدم.
فكم من إدارات كانت سبباً في هدم مؤسساتها وسبب دمارها وتشويه سمعتها رغم توفر الموارد الطبيعية والموارد البشرية. فالحكمة أحياناً تقتضي حسن التصرف وحسن إدارة الموارد، فكم من أشخاص امتلكوا المال وامتلكوا الثروة ولكنهم لم يمتلكوا حسن التصرف بها وإدارتها بالشكل السليم للمحافظة عليها وتنميتها وتسخيرها للتطوير والتنمية المستدامة على المستوى الفردي أو المؤسسي أو حتى التطوير المجتمعي.
لذلك، يبقى علم الإدارة هو الأساس، فكم بالحري تكون الإدارة داخل المؤسسات الدينية والروحية، وما ينطبق عليها ينطبق أيضا على الإدارة بشكل عام، وقد حدد الكتاب المقدس بشكل خاص عناصر ثلاثة تُعتبر مفاتيح الإدارة الناجحة في خدمة الرسالة الإنسانية جمعاء وهي أولاً: الإدارة الصادرة عن إرادة واختيار حقيقيين، ثانيا: الإدارة المليئة بالنشاط ولخدمة الصالح العام، وثالثا: الإدارة بمفهوم الخدمة وتقديم النموذج وليس التسيّد والتسلّط.
لربما مفهوم الإدراة تغير من مفهوم العالم القديم إلى العالم الحديث، فالقائد هو ليس زعيم ولا امبراطور ولا دكتاتور ولكنه هو ميّسر للعمل ومسيّرا له، فمنصبه هو تكليف وليس تشريف، وفترة خدمته هي لإحداث نقلة نوعية وترك بصمة خلفه ومراعاة من يقوم على خدمتهم والأمانة التي ائتمن عليها.:
فأول عنصر من عناصر الإدارة الناجعة هي محبة عمله والإخلاص له بإرادته الكاملة وتكريس جل وقته واهتمامه ومواهبه لإنجاحه، فبدون تلك المحبة وتلك الإرادة الصادقة سيتحقق الفشل لا محالة.
العنصر الثاني هو الإخلاص للمنصب وعدم استغلاله للربح القبيح، فليس المركز هو مطيّة لإستغلالها لتحقيق المكاسب والمنافع الشخصية على حساب المصلحة العامة، بل العمل لصالح المؤسسة وبكلِّ همة ونشاط.
والعنصر الثالث هو التحرر من عقدة التسلط والتسيّد السائدة في بلادنا العربية، فعقدة الكرسي مسيطرة على حياتنا فلا نجد مركزنا بعيداً عن الكرسي، لذلك همّنا الأوحد أن يبقى الكرسي تحتنا وليس بمقدار من نقدمه وننجزه كميّسرين للعمل. وليس معنى ذلك التسيّب والإنفلات والفوضى وغياب القانون، ولكن عدم الميل والنزوع نحو الدكتاتورية في الإدارة ومعاملة الموظفين كمأجورين يتم فصلهم حسب مزاج الرئيس.