أن المتتبع لسلوك وتصرفات البشر يجدها تختلف من شخص لأخر حسب الجنس الاجتماعي والعمر والثقافة والبيئة المحيطة والدين والعادات والتقاليد والتربية ويشترك معظم الأشخاص بقواعد نفسية وأخلاقية عامة وهي أن يرى الشخص نفسه النموذج في سلوكه وتصرفاته الفردية أو من خلال تعامله مع الآخرين وحكمة على الأشياء من خلال النموذج المقتنع به والمؤثر على كل سلوكه وتصرفاته فكل من اتفق مع قناعاته وتصرفاته فهو صحيح وكل من زاد عن ذلك فهو مفرط ومن نقص عن ذلك فهو تفريط ومقياس الحكم على الأشياء والتصرفات يختلف حسب المرحلة العمرية والتغير في القناعات والبيئة المحيطة وما ينطبق على التصرفات الفردية والمسلكيات والحكم على الأشياء في المجتمعات ينطبق على السلوك التنظيمي الفردي والجماعي في المنظمات العامة والخاصة والقيادات الإدارية على كافة المستويات الإدارية.
ففي الدول المتقدمة إداريا وحضارياً نجد أن القوانين ناظمة للعمل الإداري بكل تفاصيله وكذلك الأنظمة الإدارية المنبثقة عن القوانين لتسيير العمل الإداري شاملة كل تفاصيل العملية الإدارية وبأدق التفاصيل بحيث لا تدع مجالاً للاجتهادات الشخصية أو الهروب من المسؤولية الإدارية والقانونية أو التحايل على الأنظمة والقوانين بأي شكل من الإشكال وكذلك هناك أسس ثابتة لشغل الوظائف القيادية العليا بحيث كلما ارتفعت الوظيفة القيادية في سلم الرتب الوظيفية كلما زادت الأسس دقه وضبط وأصبح شغل هذه الوظيفة يحتاج إلى الرجوع إلى السجل الوظيفي للموظف منذ دخوله الخدمة حتى تقييمه لشغل هذه الوظيفة وتقتصر الوظائف القيادية على موظفي المديرية نفسها زيادة في التخصص والخبرة والكفاءة مما ينعكس على حسن الأداء المؤسسي بشكل عام.
فالضبط الإداري وتحديد السلطة والمسؤولية والرقابة الإدارية التكنولوجية الفعالة بعيداً عن القناعات والرغبات الشخصية على نظرية(سياسة المدير تختلف عما سبقه من مدراء ) وتطبيق سياسات المنظمة كما خطط لها ضمن الأطر الزمنية المحددة بغض النظر عن ما يشغل رأس المثلث الوظيفي فيها وكذلك استخدام الإدارة التكنولوجية بتسيير العمل الإداري والرقابة عليه بكافة تفاصيله وكل هذه الإجراءات ستنعكس بشكل إيجابي على السلوك الإداري الفردي والجماعي للمنظمة ويغير من السلوكيات الإدارية السلبية ويحد من تدخل السلوك الفردي والمزاجية والتحايل على الأنظمة والقوانين والتهرب من المسؤولية وخاصة لدى القيادات الإدارية.
فالمطلوب ضبط السلوك الإداري بعيداً عن السلوك الفردي وثبات سياسة الإدارة بحيث تسير العمليات الإدارية والقرارات ضمن نهج معين وضوابط محددة وضمن خطط مبنية على أسس علمية رقمية تكنولوجية واقعية تتماشى مع ظروف البيئة الداخلية والخارجية والتغيرات التي قد تطرأ عليها وتكون هناك ثقافة تنظيمية ايجابية تظهر فيها جوانب الإخفاقات الإدارية في بدايتها ومعالجتها قبل فوات الأوان وليس تغيير في رأس الهرم الإداري عندما تصل المنظومة الإدارية إلى المرض والضعف والوهن وأحياناً إلى الرمق الأخير ولكن يتم التغيير للبناء على ما تم انجازه من أداء مؤسسي للتطوير والتحديث أو تطبيقاً للتعليمات الإدارية الناظمة للعمل الإداري بأدق تفاصيله وصولاً إلى الثقافة التنظيمية الايجابية الشاملة المرنة والتي تنعكس على حسن السلوك الفردي والجماعي والمنظمي داخل الهيكل الإداري مما يعزز قيم الولاء التنظيمي ويخلق أداء مؤسسي يخدم الفرد والمجتمع.