في كل مرة نفجع بخبر استشهاد فرد من أبناء قواتنا المسلحة يبطئ الجرح التئامه ويتسع صوت القلم فلا مكان للحرف ولا وقع للصوت ، فهم القلادة الوطنية والطوق الأمنع الذي يذود للوطن وعن الوطن وتزيد مهابة الحرائر فهن المنجبات للأبطال ، فإن كنا ننام وتقض مضاجعنا هموم الوطن وترهقنا هواجيس الحياة المتعبة كان هذا الطوق عصاميا ناصعا يتناثر حول جياد الوطن ويرص جنباته أن لا تخافوا ولا تحزنوا نحن الماثلين والساهرين نحن الذين إن غفت عين أيقظها صوت الواجب وتلبية النداء حق واعتلى فيها صوت السلاح والاشتباك وأمامها الرسالة والعقيدة وفي ضميرها لا يفزع طفل ولا تهان حرة ولن ولا يهون الوطن .
بينما تبنى القصور وترتفع الأسوار وتتكاثر السيارات الفارهة لتجار الموت والعقول لمن أهلك البلاد والعباد وجاد بالفساد فيقتل الداخل قبل الخارج ثم يتشفع له القانون وثغراته وأبطال العدالة السوداء ليخرج ويجدد رسالته المسمومة وأمواله الملعونة والحق أن يفتدى الشهيد بعشرة منه .
ألا تبت أيديكم وشلت قواعدكم كيف اغتلتم أمطارنا وربيعنا وتركتم لنا الصقيع والجليد ؟! كيف لكم أن تقروا وأطفالهم يصرخون ويفتشون في جيوب آبائهم الفارغة إلا من دعوات الأمهات ؟ كيف تركتم عائلاتهم يشهقون الموت ويتذكرون أحاديث الذكريات مع شهدائهم وقد افترشوا الاسفنج المتهالك والغرف الطوبية ذات السقف المصفح بالزينكو فتتضاعف حرارة ومرارة الوجع والفقد والواقع معا .
ونحن نتذكر معهم ونعيش وإياهم بكل قهر وألم حال الوطن الذي يزفر ويحاول الشهيق ونمتلئ غضبا عندما يزج بصدور أبناء الوطن ودمائهم ثمن احتراف وتنظيم وعمليات مستمرة على حدودنا في إدخال وصناعة الموت . والرحمة الواسعة للشهداء والصبر لذويهم وتبقى قواتنا المسلحة الدرع الذي نلوذ به ونتغنى بزّيه ونفرح بأهازيجه ونرددها ونموت جميعا ليحيا الوطن ويفنى الغاشمون ونقول قول الشاعر :