إنها قدسية المكان وسجلنا الحافل بالبطولات والمعارك وأرض الحشد والرباط في سبيل الله في هذا اليوم نستذكر جميعاً صفحة خالدة ومشرقة من تاريخ الأردن المناضل، يوم التقت إرادة الصمود لدى الشعب والقيادة والقوات المسلحة الباسلة لتسطر تلك المعركة أروع البطولات وأسماها، والتي جاءت في ظروف صعبة وقاسية وبعد مرور 9 أشهر فقط على نكسة حزيران، وما خلفته من شعور لدى الجميع بخيمة الأمل والإحباط واليأس ليس على الأردن وحده ولكن على الأمة العربية بشكل عام ولتشكل نصراً أعاد للأمة هيبتها وكرامتها.
وبين شروق شمس الحادي والعشرين من آذار ومغيبها،كانت ساعات ذاك النهار الأردني الأبلج شهوراً قاسية وموجعة في سفر الجيش الذي لا يقهر إلا على يد الأردنيين النشامي فلم نقهره فقط بل حجمنا عنجهيته وغطرسته ومرغنا أنوف قادته ومخططيه وصناع قراره في تراب الغور لتكون معركة الكرامة رادعاً وعبرة لكل من يفكر أو يخطط بباله أن يتطاول على قدسية الأرض الأردنية.
لقد أصبحت الكرامة بكل معانيها مسيرة للعطاء وعنوانا للانتماء وسيفاً مشرعاً امتشقناه نحن الفرسان الأبطال في يوم وقيعة وعلى ضفاف النهر الخالد، للذود عن الحق والأرض والكرامة فأعدنا للإنسان العربي ألق الفجر بعد أن ران على قلبه مسحة من الشك وفقدان الثقة بقياداته وقواته المسلحة.
أما شهداء الجيش العربي ملح الأرض والذين تحوم أرواحهم فوق حمى الوطن الأسم وتسلم على المرابطين فوق ثراه الطهور فلهم الوفاء والإكبار والإجلال.
سلام على أرواحهم الزكية الطاهرة مع إنبلاج كل صبح ونسائم كل ريح وخفقان كل قلب وزقزقة كل طيور الأرض فهم عنوان الوفاء والفروسية .
نضرع إلى الله العلي القدير أن ينزل على أرواحهم شأبيب رحمته ويسكنهم وقائد معركة الكرامة الحسين رحمه الله جنات الفردوس الأعلى إنه سميع مجيب.
وسيبقى الأردن بإذن الله وإرادة قيادته وجيشه وشعبه عصياً على الطامعين والحاقدين ووفياً لرسالته التي توارثها قادته من آل هاشم كابرا عن كابر وسيبقى ملاذاً لأحرار الأمة يزهو بأبي الحسين قائداً وبالتاج والعلم عنوانا وهوية وإن تنحني هامات أهله إلا الله الواحد الأحد.
وفي هذه الذكرى الغالية نرفع الأكف تضرعا الله العلي القدير أن يتغمد الحسين بواسع رحمته وأن يمنح جلالة القائد الأعلى الملك عبدالله الثاني وولي عهده الأمين العزم والقوة للمضي بالأردن قدماً نحو معارج الرقي والتقدم والازدهار...