هل لا تزال الدراما السورية تعاني من عراقيل وصعوبات بخصوص الإنتاج؟ هذا السؤال يطرح نفسه بالتزامن مع ما يشبه انتفاضة الممثلين السوريين على الواقع السيئ الذي عانت منه هذه الصناعة بعد سنوات الحرب. والواضح أنّ مجموعة من أبطال المسلسلات السورية هذه السنة قد حجزوا لأنفسهم مقاعد في أعمال سورية محليَّة، من أجل بث الثقة في هذه الصناعة مجدداً.
طوال الفترة السابقة، وخصوصاً بعد سنوات الحرب، عانت الدراما السورية من الرقابة، لكن ذلك لم يوقف بعض المنتجين من الوقوف على خطّ الحياد، واستغلال بعض المساحات التي يُسمح بها في إنتاج أعمال جديدة. غير أن الدراما السورية تعاني من مشكلة لا يمكن حلها، أهمها عدم وجود السيولة المالية الكافية لإنتاج درامي لائق، كما أنّ الكتاب والمخرجين والممثلين يعانون من قلة الأجور والعائد المالي لأتعابهم.
ويقول أحد كتاب الدراما السوريين المهاجرين إن أجرة الكاتب لعمل ينفذ داخل سورية لا تتخطى الـ4 آلاف دولار كحدّ أقصى للمسلسل الواحد. لذلك، يجهد معظم الكتاب السوريين الشباب اليوم في فتح خطوط تواصل وتعاون مع شركات إنتاج عربيّة. ويضيف المصدر: "لعل شركات الإنتاج اللبنانية هي الأقرب لهؤلاء". إذْ إنّ أجرة الكاتب السوري للمسلسل الدرامي المشترك الخاص بالمنصات تبدأ بعشرة آلاف دولار، وتصل إلى 20 ألف دولار، في حال تجاوزت حلقات المسلسل العشرين أو الثلاثين حلقة.
تشهد الدراما السورية هذه السنة "انتفاضة" بالمعنى الحقيقي للكلمة. فمنذ الصيف الماضي، استغل الكتّاب علاقتهم ببعض شركات الإنتاج، وعمدوا إلى عرض مجموعة من الأفكار والسيناريوهات التي كتب لها أن ترى الضوء، وهي اليوم في مرحلة "التشطيب" لعرضها في موسم رمضان، في إبريل/نيسان المقبل.
وتؤكد معلومات خاصة أن معظم الكتّاب والمخرجين السوريين تساهلوا لجهة الحقوق المالية، وقبلوا بالمكافآت، إيماناَ منهم بضرورة إنعاش هذه الصناعة. يؤكد حماس المخرجة السورية رشا شربتجي ذلك. شربتجي انفصلت بعد سنوات عن شركة "سيدرز آرت برودكشن" (الصبّاح) اللبنانية للإنتاج، بعد محاولات ومسلسلات مشتركة لم تحظَ بالنجاح المطلوب. وعادت قبل عامين إلى دمشق، لتبدأ بمسلسل "حارة القبّة"، وتستعيد أنفاسها مجدداً مع أهم الممثلين السوريين الذين واكبتهم من البداية، ولتنتهي من تصوير ثلاثة أجزاء من الرواية السورية المندرجة تحت فئة "البيئة الشامية".
وكذلك تعمل شربتجي هذه السنة على مسلسل جديد، يعول الجميع على نجاحه، وعنوانه "كسر عضم"، إذْ استقطب مجموعة لا بأس بها من الممثلين السوريين المقيمين. ويقول متابعو الدراما السورية على المواقع البديلة إن "كسر عضم" سيعيد للدراما السورية الضوء بعد سنوات.
محاولة ثانية تبدو أقرب إلى النجاح يستغلها صنّاع مسلسل "على صفيح ساخن" الموسم الماضي، وهما علي وجيه ويامن حجلي. إذْ يقدمان هذه السنة مسلسل "مع وقف التنفيذ" بتوقيع المخرج سيف الدين سبيعي، خصوصاً أن الثلاثة حققوا نجاحاً جيداً عام 2021، ويبدو أنهم يسيرون على هذا الخط بشكل مدروس لإثبات مقدرتهم على النجاح مجدداً.