هل حدثت نفسك يوما متعجبا من تقارب شهر رمضان الماضي والحالي زمنيا، أو عجبت لسرعة انقضاء الشهر الفضيل وعجّلت باستغلال أيامه المعدودات قبل فواته؟ ما تفسير هذا الشعور؟ وما سر تناقضه مع الذين يعتبرون رمضان ضيفا ثقيلا تمر ثوانيه ببطء، وتزداد بطئا قبل موعد الإفطار وفي صلاة التراويح؟
تحاول هذه المادة تفسير شعور الطرفين المتناقضين، وتطرح حلولا للتعامل مع الوقت في آخر أيام أعظم الشهور وأبركها، ليحل ضيفا كثيفا بالطاعات واستغلال الأوقات، وينقضي مخلفا شعورا بالإنجاز واليقين بالعتق من النيران، على وقع ابتهالات "لا أوحش الله منك يا شهر رمضان".
تفسير التباين في إدارك الوقت
تفسير ديني: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم -كما ورد في صحيح مسلم- "لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كاحتراق السعفة".
وقد اختلف العلماء في معنى تقارب الزمان الوارد في الحديث، فمنهم من ذهب إلى أن التقارب يمكن أن يكون معنويا بمعنى ذهاب البركة من الوقت وقلة الانتفاع بساعاته.
يوضح الكاتب عقل ربيع أن "بركة الوقت نعمة بيد الله عز وجل، ولا يصل إليها العبد إلا بفضله وعونه ورحمته، فإذا كان الحبل مع الله متصلا، مدّ لعبده حبل البركة في وقته، أما من دون إعمار العلاقة مع الله فلا تتحقق البركة مهما خُطط لها".
الحالة النفسية: في العام 2016 أعد باحثون برتغاليون دراسة عن الأسس العصبية الحيوية للتصور الشخصي حول سرعة مرور الزمن أو بطئه، نشرت في مجلة "ساينس" (Science) العلمية، وخلصت إلى أن ذلك شعور داخلي بالوقت، لكنه غير مستقر ويختلف من شخص لآخر تبعا لحالته النفسية، فإن كان سعيدا يمر الوقت بسرعة والعكس صحيح، فيقول أحدهم مثلا "مرت الدقيقة كأنها دهر أثناء انتظار النجدة" أو "سنة سعيدة بقربك مرت كلمح البصر".
ويبين الكاتب عقل ربيع أن سرعة مرور الوقت مرتبطة بالحالة النفسية للصائم، التي تتكئ على 3 أضلاع:
ضلع التصالح مع النفس.
ضلع الشعور بلذة الطاعة.
ضلع القدرة المادية على الإنفاق على الذات والأسرة، والتصدق وفعل الخير.
وأي خلل في أحد هذه الأضلاع يجعل الوقت ثقيلا يرهق روح الصائم. وكالات +الدستور