قبل ساعة تم اعتقال منفذيّ عملية العاد وكانا في حالة جيدة بعد أن قاما بعملهما البطولي رداً على جرائم الاحتلال.. وقد أديا الرسالة وضربا نظرية الأمن الإسرائيلي في العمق بحيث أن عملية اعتقالهما باتت نتيجة حتمية نظراً للحملة الأمنية الإسرائيلية الضخمة والمعززة بكل الإمكانيات البشرية والتقنية والإعلامية التي سعت متضافرة في البحث عنهما، والكل يعلم بأن هذه النتيجة لا تغير من مفعول الضربة الفلسطينية او تخفف من وطأتها على العقل الإسرائيلي الذي أصيب بفوبيا المقاومة وخاصة أنها استحضرت نكبة احتلال فلسطين لتطغى على أكذوبة عيد الاستقلال الإسرائيلي وتعكر صفوه وفق تصريحات كثيرين.
فقد أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، اعتقالها الفلسطينييْن الاثنين المشتبَه بتنفيذهما عملية "إلعاد” شرقي تل أبيب، بعد ثلاثة أيام من المطاردة، قرب منطقة رأس العين في فلسطين (الداخل) المحتل عام ثمانية وأربعين.
وادّعت سلطات الاحتلال، أن الشابيْن أسعد يوسف أسعد الرفاعي، وصبحي عماد صبيحات، من بلدة رمانة غرب جنين، نفذا يوم الخميس الماضي، عملية طعن في منطقة "إلعاد” في تل أبيب، أسفرت عن مقتل ثلاثة إسرائيليين وإصابة آخرين.
وتسببت العملية بإحراج موقف بنيت السياسي وعلى إثرها ترأس اجتماعاً طارئاً تقرر فيه تمديد الحصار الإسرائيلي المطبق على الضفة الغربية حتى اليوم الأحد.
ونشرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية (كان) تسجيلًا مصورًا لما قالت إنها عملية الاعتقال التي ذكرت أنها جرت على مسافة قريبة من "إلعاد”.
وكأنه عرس إسرائيلي، بينما ظهر أحد المعتقليْن في الفيديو وقد ثبت على الأرض وطرحت عليه أسئلة حول هويته وهوية رفيقة وعمّا قاما به، فبدا رغم موقفه الحرج ثابتاً لا يرف له جفن، ومن نظراته المستقرة لمعت دفقات من كبرياء الأسود الجريحة حينما تقع في براثن القطعان المستأذبة وهي ترتدي أقنعة الحملان الوديعة خلافاً لطباعها الدموية الشرسة، فيغطي المحقق شراسته بكلام معسول وتحية مغموس بالسم الزعاف، حتى يقال بان المحققين يتعاملون معه بإنسانية فيما ستأكل الهراوي من اطرافه حينما تبتعد عدسات التصوير عن المشهد ويُسْتًفْرَدُ بهما في غرف التحقيق المعتمة.
والصادم في الأمر أن قوات الأمن تدرك تمامناً بأن جهودها التي اثمرت بإلقاء القبض على البطلين، ليست خاتمة المطاف في ظل عدم معالجة الأسباب وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم ولو مرحلياً حتى زوال الاحتلال، فالعمق الإسرائيلي بات مخترقاً والخوف طال الإسرائيليين في بيوتهم التي لم تعد آمنة.
ولعل من مظاهر التباهي بالقبض على الفدائييْن هو ما كتبه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عبر حسابه على تويتر: أنه "في نهاية عملية مشتركة لشرطة الاحتلال وجهاز الأمن العام والجيش الإسرائيلي، تم اعتقال الإرهابيين (البطلين) اللذين نفّذا الهجوم في "إلعاد" بالقرب من المدينة (تل ابيب)”.
ولأهمية العملية على صعيد أمني، ولطمأنة الإسرائيليين الناقمين على الأجهزة الأمنية الفاشلة في ردع مثل هذه العمليات المباغتة الفاعلة، أكد المتحدث أعلاه عبر تغريدته على تويتر بأن عملية اعتقال الفدائييْن "شملت السعي المشترك باستخدام القوات التكنولوجية والاستخباراتية والتجميع والوحدات الخاصة، من الشرطة وجهاز الأمن العام والجيش الإسرائيلي، بما في ذلك وحدة ماجلان ووحدة السموم ومقاتلي لواء الكوماندوز... وأنه بمساعدة مروحيات وحدة الطيران التابعة للشرطة الإسرائيلية، اكتشف فريق مشترك المشبوهيْن بالقرب من أحد المحاجر”.
وكأنهم يطاردون بهذه القوات الجرارة فصيل من المقاومة!
ولعل ما يقض مضاجع الاحتلال أن هذه العملية لن تكون الأخيرة والحواجز التي تقطع الطرق بين المدن، والحصار المضروب على الضفة والجدار العازل الذي يقيد الفلسطينيين وينتهك إنسانيتهم ويكتم انفاسهم ويعزلهم عن العالم والممارسات العنصرية الإرهابية لن تمنع هؤلاء الشباب من تلقي رسائل السنوار التعبوية من منطلق كونه قائداً ملهماً، وليس التبعية الحزبية، والتفاعل مع هذه الرسائل المفعمة بالثقة في إطار وحدة الصف الفلسطيني وتبني خيار المقاومة دون ان يتبعوا فصيلاً بعينه، بعد ان وُئِدَتْ عملية السلام فلم يتبق منها سوى أحلام العصافير التي تعشش في رؤوس قادة أوسلو الذين أصيبوا بالصمم.