نيروز الإخبارية : كتب : محمد عبدالكريم الزيود.
نيروز الاخبارية : في تقرير بُثّ على التلفزيون الأردني قبل أيام ، أثارني الشيخ الجليل عطوي المناصير وهو يتلّمس بيديه حديد دبابته التي كان يقودها في معركة الكرامة ، كنت أرى إلتماعة في عينيه وهو يتذكر طاقم الدبابة واحدا واحدا (قائد السرية اللواء فاضل علي فهيد و محمد سالم عبدالله بني حسن وعواد حمدالله من سحاب ) ، دبابة الباتون اليوم تصطف بخشوع في متحف الدبابات الملكي في المقابلين بعدما أعيد ترميمها .
يستذكر وهو يصلح شماغه على رأسه "مدفعي الدبابة" عندما أصيبت دبابته بقذيفة معادية وكيف وجد ذراع زميله الذي إستشهد مركونة على جناح الدبابة ، ذكريات من الوجع والفخار .
في وجه عطوي المناصير الذي تعدّى السبعين تقرأ تاريخ جيشنا العربي ، هؤلاء الذين قاتلوا في معارك الشرف والبطولة وهم من صنعوا النصر بالدم والبارود ، وأكاده اليوم وهو يجول بعينيه على دبابته التي تركها منذ خمسين ربيعا يسمع أصوات رفقاء السلاح ، وصوت قائد السرية وهو يخترق الأسلاك أن " قاتلوهم " ..
لماذا لا يكرّمون هؤلاء وأمثالهم وهم اليوم قد إنحنت ظهورهم ، وإكتسى البياض شعر رؤرسهم ، وهم الذين كانت قاماتهم تطاول قامات مدافعهم عزة وفخرا وشجاعة .
عطوي المناصير فتح النار عندما واجهته دبابة العدو ، لكنه لم يفتح النار يوما على الوطن رغم ضيق الحال ، وهو الذي دافع عنه حقيقة بين النار والبارود ، ولم يصنع معركة في السوشيل ميديا ويحقق الإنتصارات على الورق ولوحة الكيبورد .
ربما يستلم راتبا أقل من ٣٠٠ دينار وينتظر على الدور كثيرا ، كما ينتظر على دور الصيدلية ليستلم العلاج الشهري ، لكن الوطن في عينيه أكبر من الرواتب والأعطيات والمقاولات التي توزعها الحكومات لتنال رضا الناس .
بوركت يا " عم" وأقبّل يدك التي تلامس بها اليوم فولاذ دبابتك ، وأقبّل عقال رأسك وشماغك ، فقد قدمت في الحرب والسلم ما لم يقدموه الذين يتاجرون بنا وبالوطن وبأزماته .
فسلام عليك وسلام على الوطن الذي ما زلنا وسنظل نحبّه .