في مقالة مميزة للإعلامي المميز الأخ حسين الرواشدة على صفحات الفيس بوك اليوم الإثنين 23/5/2022 يشير إلى ضرورة توخّي الكاتب المصداقية وعدم تزوير الحقائق. فمن جانب قد لا يستطيع الكاتب أن يقول الحقيقة كاملةً لكنه لا من جانب آخر لا يجوز أن يزوِّرَها. هذا يذكرني بالقول بأنه ليس كل ما يعرف يُقال وليس كل ما يقال حضر أهله وليس كل ما حضر أهله حضر زمانه.
فالحقيقة أحيانا تكون مرَّة، وتتطلب أحيَاناً التعاطي معها بحكمةٍ واقتدارٍ لكي لا تكون إرتدادتها قاتلة وضارة أكثر منها نافعة، لكن هذا لا يعني الرجوع إلى الخلف والاسترخاء، الأمر الذي يميل إليه معظم الناس لأنها تجنِّبُهم الكثير من الإشكالات والمشاكل التي هم بغنى عنها. ومع ذلك فإن كثيرين من الناس يظلُّون أسرى قلوبِهم وضمائِرهم الحيّة فلا يقدرون على كتم أفواهمهم بل يجتهدون على ابتكار طرقٍ خلاّقة في إيصال الحقيقية أو ما يشير إليها من قريب أو بعيد.
فكيف يكون للحياة معنى وحياتنا تسير في ضلال أو في السكوت على الظلم والإنتهاكات التي تمارس تجاه بني البشر بغض النظر عن إختلاف ألوانهم واشكالهم وألوانهم وعقائدهم؟ فحقوق البشر يجب أن تعلو وتسمو على كل النظرات الضيقة أو الحدود والحواجز الجغرافية واللغوية والعرقية والجندرية، مما يتطلب أصواتاً نبوية تصدعُ في عالمنا مهما كانت ضعيفة أو خافتة، فتعدد الأصوات يشد أزر بعضها البعض ويدفع بإتجاه تصحيح المسار وإحقاق الحق وإقامة العدل في الأرض.
ولو تتبعنا سِيَرَ الكثير من المثقفين والكتاب حول العالم لوجدنا أن همَّهم الأول هو في الحقيقية واحد وهو أن تستقيمَ المجتمعات وتسير وفقَ النهج الصحيح الذي يحافظ على كرامة الإنسان والخير العام بعيداً عن لغة الإستغلال والقهر والظلم والإستعباد. لذلك فأصوات هؤلاء تبقى مزعجة لمن يريدون أن يُبقُوا على الأوضاع الراهنة وعدم إحداث أي تجديد أو تغيير نحو الحرية والعدالة وسيادة القانون.
وما من شك أنّ المجتمعات البشرية وحتى في الدول المتقدمة لن تصل إلى درجة الكمال والعدالة النموذجية، لأن عدالة الأرض غير عدالة السماء، ولكننا مدعوون أن نحقق أكبر قسط من العدالة والحرية والديموقراطية والمساواة، التي لا طريق لسعادة البشرية إلا بالمرور من خلالها وعبرها. وهذا يفتح الباب أمام من يضَّحون بحياتهم في سبيل الكلمة الحرّة الشريفة والنبيلة من أجل سعادة الآخرين فتكون حياتُهم ضحيَّة على مذبح الحرية والعدالة والسلام وتتستحق معنى ومضمون الشهادة.