في ١٠ آب ۱۹۲۰م، كانت المفاجأة غير المتوقعة، وغير المحسوبة، لا من قبل الشيخ "حمد بن جازي " ، ولا من قبل أهالي شرق الأردن بمختلف مناطقهم. والمفاجأة هي بلاغ رئيس الحكومة السورية المعتمد من قبل سلطة الانتداب الفرنسي، والمعمم على كافة الدوائر والحكومات في سورية ولبنان وشرقي الأردن، بأن المناطق الثلاث التي كانت مع فلسطين
تشكل المملكة العربية السورية، قد أصبحت تدار من قبل سلطة الانتداب الفرنسي. وتضمن بلاغ "الدروبي"، توجهات السياسة الفرنسية على البلاد وأهلها، وهي:
۱- رفع العلم الفرنسي بدل العلم العربي على دار الحكومة، ومؤسسات الدولة في مركز المتصرفية وبقية الأقضية التابعة لها.
٢- التزام السكينة وعدم إثارة الفتن.
3- التقيد بأوامر الحكومة السورية الجديدة، وتنفيذ تعليماتها وقراراتها، اعتباراً من تاريخه (۱۰ آب ١٩٢٠م)، ورفض التعامل مع أية قرارات أو تعليمات أخرى مهما كان مصدرها، إلا إذا كانت صادرة عن رئيس الحكومة أو من ينوب عنه من الوزراء.
٤- التأكيد على تداول العملة السورية الورقية الجديدة الصادرة عن بنك سورية ولبنان، ومجازاة كل من يأبى التعامل بها.
وعندما وصل بلاغ "الدروبي" إلى متصرفية "الكرك"، قام الشيخ "رفيفان المجالي"
متصرف اللواء (المعين من قبل الملك فيصل) باستدعاء الضابط البريطاني الميجر
(كلنفيك) المقيم في "الكرك"، لبيان رأي الحكومة البريطانية، لكن هذا الضابط لم اجتماعاً
يفده بشيء، فاتصل بمشايخ وزعماء عشائر الجنوب الأردني، وعقد معهم مطولاً. وقد علق الشيخ "حمد بن جازي" على بلاغ رئيس الحكومة السورية بقوله:
"لم تعد (معان) و(أذرح) و(الرشادية) تابعة إدارياً إلى متصرفية (الكرك)، ونحن نحترم ونـقـدر قـرار الملك حسين بن علي الذي أتبع ( مـعـان) وقـراهـا إلى مملكة الحجاز.. إن تعليمات علاء الدين الدروبي غير صالحة لنا ، ولن نكون من أتباعه أبدا.. الله يعين إخواننا في الشام، سرقت فرنسا الذهب السوري واستبدلوه بأوراق لا قيمة لها، وأصبح الذهب السوري من حق الغزاة الأجانب، ويريدون أن نستعمل الأوراق ويأخذون الذهب إلى بلادهم. وبهذا يكون الشعب العربي قد دفع تكاليف حصة فرنسا في الحرب..
إن هذا (الدروبي) ، لا يعرف درب النجاح، ولا يستطيع إقناعنا بالسياسة الفرنسية، وكيف يمكن أن نأمن جانبهم وهم الذين خلعوا الملك فيصل، وأفشلوا أول تجربة للعرب في حكم بلادهم.. أقولها بالصوت المسموع، إنه لا فرنسا ولا غيرها مؤهلة لحكم بلادنا، لأنها دخلت الشام بقوة السلاح وبالغزو الإجرامي ودون رغبة من أهلها.
وحتى تتوضح الأمور، نحن لا نأخذ الأوامر إلا من قبل الملك الشريف حسين، ومناطقنا محرم على الأعداء دخولها، ونستطيع إدارتها بكل رياحة، وبرضاء جميع عربانها.
وبعد مشاورات مطولة، تقرر أن يذهب الشيخ "رفيفان المجالي" إلى حيفا كي يستشير الملك فيصل فيما يجب عمله، وقد أشار فيصل عليه أن يذهب إلى القدس ويجتمع بالمندوب السامي البريطاني هربرت صموئيل، وكانت النتيجة أن صموئيل عقد عزمه على الذهاب بنفسه إلى شرق الأردن، للاطلاع على وجه نظر أهلها بصورة مباشرة وعلنيه...