لم أقرأ بعد هذا الكتاب للمرحوم صديق الكثيرين ماهر سلامة. ولكنْ بلا أدنى شك أنَّهُ كتابٌ يستحق إقتناءَه والتمعُّن به وخصوصاً ما برز في عنوانه، إذ يتكلم عن كود للكاريزما.
فالكاريزما تتمتع بالمجموع من العناصر التي تجعل منها قيادة مؤثرة في مجتمعاتها وقادرة على إحداث التغيير المطلوب.
وبدون كاريزمة القيادة لا يمكن أن تتحقق هناك نهضة للشعوب والأمم. وقد مرّ عبرَ التاريخ الكثير من الشخصيات الكارزمية التي كانت قادرة على وضع بصمة التغيير بجرأتها وحكمتها وقوة تفكيرها وحسن أدائها وروحانيتها وَغَيْرتِها على إحِداثِ التقدُّم المطلوب.
ورُبما في مجتمعاتنا العربية أصبح هذا الموضوع من المواضيع الهامة جداً خصوصاً في موضوع الإصلاح الإداري المنشود، فلا بدّ من البحث دوماً عن الكاريزما في القيادة. وفن القيادة هو علم خاص يتبع منهاجا خاصاً يبيّن خصائص هذه القيادة القادرة أن تشكل الرافعة الأساس في إنجاح أي عمل أو أي مشروع، وحتى في الإدارة البيتية، فمهما كانت المصادر شحيحة فإن القيادة الحكيمة والحصيفة تكون قادرة على تدبير كافة الأمور، والعبور حتى من ثقب الإبرة للوصول إلى تحقيق الأهداف العليا.
وحتى على صعيد الحقل الديني، فما أحوجنا اليوم إلى إدارات قيادية تتمتع بالكارزما التي تؤثر في قلوب وعقول الآخرين، وتكون قادرة على التأثير في سلوكهم وشحذ هممهم في العمل المخلص والجهد الموصول والأمانة والمصداقية والوفاء والإخلاص والطيبة والرحمة والعطاء والصدق. فاليوم أصحبت الشعوب والأمم متعلمة وملّمة بالكثير من التعاليم والمفاهيم التي كانت الناس تجهلها في العصور الوسطى ولا سيما مع عصر إنتشار عالم الإنترنت والمعلومة السريعة، وتحتاج أكثر ما تحتاج إليه هو من يقودها برؤى جديدة إستشرافية تتطلع للمستقبل وتضع الخطط المحددة، القابلة للتطبيق والقياس، وضمن أطر زمنية محددة، وتحديد البدائل للوصل إلى النتائج المرجوة.
فحاجة الناس إلى من يُصادقَها ويصارحها ويكون قريباً منها ويلامس همومها ويتكلم بصوتها ويعمل لأجل مصلحتها، فهذه هي القيادة الناجحة التي تتلمس أوجاع شعبها وهمومهم وأحوال معيشتهم ومشاكلهم لتعمل ما بإستطاعتها للإسهام في التخفيف من وطأة التحديات والأعباء التي يرزحون تحتها، فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، وبوسع القيادة الكارزمية أن تفعل الكثير لأنها متحررة من عقد الذات والأنانية والمناصب والمكاسب والمصلحة الشخصية، ولا تخشى في الحق لومة لائمٍ لأنها إنما تضع الله بين عينيها وترتضى مرضاةَ الله عزّ وجّل قبل أي شيء.