بعد أشهر من التكهنات، عن تعويم الجنيه، قرر البنك المركزي المصري التحرك من خلال رفع أسعار الفائدة بنسبة 6 %، لتصل إلى 27,25 %،وهي الخطوة التي تسببت في انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، في أكبر وأهم دولة عربية من حيث عدد السكان في العالم والحاضنة لقناة السويس التي تربط أوروبا وآسيا.
وهذه هي استراتيجية مدروسة تم تطبيقها منذ بعض الوقت لكسر الجمود في الاتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على أموال جديدة.
تحدثت وكالة "نوفا" عن ذلك مع جوزيبي دينتيشي الخبير في الشأن المصري ومحلل بمركز الدراسات الدولية، حيث أوضح أنه: "لا ينبغي أن تكون هذه التطورات مخيفة لأنها جزء من الديناميكية التي تحدث منذ أشهر لضمان الاستقرار الاقتصادي والمالي".
وكانت نقطة التحول الحقيقية هي الصفقة الأخيرة التي وقعتها مصر بقيمة 35 مليار دولار مع شركة أبو ظبي التنموية القابضة بدولة الإمارات العربية المتحدة.
وبحسب "دينتيشي"، "يوفر هذا الاتفاق المهم للبلاد ضخًا جديدًا للسيولة، يمكن استخدامه في سلسلة من المبادرات: 24 مليار دولار مخصصة لتطوير البنية التحتية للفنادق وقطاع السياحة؛ سيتم تحويل 11 مليار دولار من الودائع المصرفية الموجودة بالفعل في حساب الشركة الإماراتية إلى استثمارات ذات أولوية.
ومن المفترض أيضا وصول المزيد من المساعدات الخارجية، وقد أعلنت السعودية عزمها استثمار 15 مليار دولار في البلاد على غرار ما فعلته الإمارات أيضا”.
هذا الضخ الجديد للسيولة يسمح لمصر بالحصول على "أموال جديدة للاستثمار" و"إدارة الانخفاض الجديد في قيمة العملة، والذي حدث أيضا بناءً على طلب قوي من صندوق النقد"، على حد قول دينتيشي، الذي أوضح أن السيولة الجديدة تعني، على الأقل على المدى القصير، "إدارة نقدية أكثر تنظيما، وعملة صعبة جديدة يمكن إعادة استخدامها في التداول وفي الوقت نفسه مفتوحة لإصلاحات ليست تجميلية بل هيكلية".
وبالتالي، كانت الخطوة الأولى هي الاتفاق مع الإمارات، الآن حدث انخفاض قيمة العملة. والخطوة الأخيرة، بحسب دينتيشي، ستكون الاتفاق مع صندوق النقد على منح 10 مليارات دولار.
ومع ذلك، يحذر محلل مركز الدراسات من أن هناك تحديات يجب مواجهتها، وهي أن "تخفيض قيمة العملة خطوة ضرورية لمصر، لكن يمكن أن يكون لها عواقب على التضخم وأسعار المواد الغذائية، وخاصة ما يؤثر على أضعف شرائح المجتمع".
وسيتحتم على السلطات المصرية أن يكونوا حذرين للغاية للسيطرة على التضخم خلال شهر رمضان المبارك، الذي عادة ما يكون نذيرًا للزيادات في أسعار المواد الغذائية، والتي تبدأ الأسبوع المقبل.
وأكد دينتيشي أنه "يجب على مصر أن تحاول احتواء الأسعار التي ستؤثر، بطريقة أو بأخرى، على الشرائح الفقيرة من السكان خاصة من وجهة نظر الغذاء، ولكن بفضل السيولة النقدية المتوفرة لديها الآن، من الممكن توجيه هذه المرحلة بطريقة أكثر تنظيما، وهو ما ينبغي ضمانه بعد ذلك أيضا بفضل الامتياز الجديد من صندوق النقد".
وأخيرا، يسلط "دينتيشي" الضوء على أهمية إدارة مصر لديونها بشكل مسؤول، مشددًا على أنه "يجب على مصر أن تصدر ما لا يقل عن 29 مليار دولار من الديون هذا العام، وهذه السيولة الجديدة يمكن أن تكون فرصة للتراجع عن تأجيل الدفع".
ويرى دينتيشي، أن تنفيذ الإصلاحات أو الاستمرار في سياسة الدولة الاقتصادية والديون، بناءً على حقيقة أن البلاد أهم من أن تترك للتعرض لأي انتكاسة.
وخلص دينتيشي إلى أن مصر أكبر وأهم من أن تفشل"، وهذا يضمن لمصر، على الأقل على المدى القصير، استقرارًا معينًا في الأسواق المالية وفي إدارة الحسابات الجارية.