اعتبر تقرير نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية أنّ الغرب عاجز عن فك الشراكة الصينية الروسية التي تزداد متانة، وأنه بات أمام حتمية مواجهة "عملاقين نوويين".
وقال التقرير، إنّ التحالف بين موسكو وبكين تعمّق بشكل كبير، مع العواقب الجيوسياسية الناجمة عن تصرفات بوتين في أوكرانيا، موضحا أنه بينما كانت العواصم الغربية تأمل في تقويض هذا التحالف، يتعين عليها أن تواجه الواقع المرير المتمثل في المواجهة المتزامنة مع عملاقين مسلحين نوويا.
وأكد تقرير المجلة الأمريكية أن الشراكة بين الصين وروسيا، التي توصف بأنها "شراكة بلا حدود"، لها جذور عملية مشتركة منها انعدام الثقة في الولايات المتحدة، مبينا أن التكامل الاقتصادي والمصالحة الإقليمية ومعارضة الأعراف والضغوط الغربية أدى إلى التقارب بين البلدين.
وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من الحذر الذي توخته الصين في البداية مع بدء حرب روسيا في أوكرانيا، فقد شهدت التجارة الثنائية بين البلدين ارتفاعاً متجاوزاً التوقعات.
وبالتوازي مع ذلك، دفعت العقوبات الغربية روسيا نحو زيادة الاعتماد على الواردات الصينية، ولا سيما في مجال المعدات العسكرية والصناعية، إضافة إلى تكثيف التعاون العسكري، من خلال التدريبات المشتركة، وزيادة إمكانية التشغيل البيني بين القوات المسلحة.
وبحسب التقرير، فقد ازدهرت العلاقات الدبلوماسية، مع عقد اجتماعات متكررة رفيعة المستوى وتبادلات بين المسؤولين الروس والصينيين، مشيرا إلى أنه رغم أن الحركة أحادية الجانب إلى حد كبير، مع زيارة المزيد من المسؤولين الروس إلى الصين، فإن الارتباطات العسكرية والأمنية تظهر تفاعلاً أكثر توازناً، حيث يسلط هذا التباين الضوء على اعتماد روسيا المتزايد على الصين.
وأكد التقرير أن التحالف المتعمق بين الصين وروسيا يشكل تحدياً هائلاً للغرب، وهو تحالف مدفوع بالضرورات الاقتصادية، والسياسية، والأمنية.
وأوضح أنه بينما تتصارع القوى الغربية مع هذا الواقع الجيوسياسي الجديد، يتعين عليها أن تعيد تقييم استراتيجياتها والاستعداد لفترة طويلة من الخلاف مع خصمين هائلين، مشيرا إلى أن النخب الروسية تتجه بشكل متزايد نحو الصين بحثاً عن الفرص الاقتصادية والآفاق التعليمية، حيث تحد العقوبات الغربية من خياراتها.
كما تقدم الجامعات الصينية الكبرى فرص التعليم العالي وتجذب النخب الروسية وأبنائهم الممنوعين من دخول الدول الغربية بسبب العقوبات، وهو ما يعكس المواقف الدافئة تجاه الصين، كما يعكس الرأي العام في روسيا أيضاً هذا الاتجاه، حيث تنظر الأغلبية إلى الصين بشكل إيجابي، وتعتبرها شريكاً لا يشكل تهديدا، وفق التقرير.
وقد استفاد الكرملين من هذه المشاعر، فأقام علاقات اقتصادية وتكنولوجية وسياسية أوثق مع بكين أكثر من أي وقت مضى.
وأشار تقرير المجلة الأمريكية إلى أن الصين برزت كحليف حاسم لموسكو إبان اندلاع الحرب مع أوكرانيا، موضحا أن الدعم غير المباشر الذي تقدمه الصين، بما في ذلك توفير المكونات الحيوية لصناعة الدفاع الروسية، ساعد جهود روسيا الحربية.
وكان التعاون الاقتصادي، ولا سيما المشتريات الصينية من الصادرات الروسية، سبباً في تعزيز صندوق الحرب الروسي وإبقاء اقتصادها صامدا وسط العقوبات الغربية.
ووفقا للتقرير، فقد كان غزو أوكرانيا سبباً في ترسيخ تحالف روسيا مع الصين ضد الغرب، حيث يرى بوتين الصين شريكا استراتيجيا في معركته ضد الهيمنة الغربية، على الرغم من الحذر السابق داخل الكرملين بشأن الاعتماد المفرط على الصين، وقد أدى هذا التحول إلى زيادة التعاون العسكري والتكنولوجي بين البلدين.
ونبه التقرير في المقابل إلى أنّ اعتماد روسيا على الصين يثير أيضًا مخاوف بشأن التبعية المحتملة، وفي حين قد تقاوم روسيا التبعية الكاملة للصين، فإن اعتمادها على الدعم الصيني في مواجهة الضغوط الغربية يحد من مساحة المناورة المتاحة لها.
وخلص التقرير إلى أن التحالف المتنامي بين الصين وروسيا يفرض تحديات على الغرب، الذي يتعين عليه أن يعدل استراتيجيته حتى يتمكن من التعامل مع خصمين قويين في وقت واحد، ولا سيما أنّ محاولات دق إسفين بين بكين وموسكو أثبتت عدم جدواها، ما يستدعي اتباع نهج جديد يوازن بين الردع والطمأنينة، مع معالجة التداعيات الأوسع للتنافس مع الصين وروسيا.