في مشهدٍ مليء بالاحترام والتقدير، يودّع جهاز الأمن العام الأردني أحد رموزه البارزين، اللواء تامر المعايطة، الذي أُحيل إلى التقاعد بعد مسيرة مهنية طويلة استحق خلالها لقب رجل الأمن الاستثنائي... هذه الإحالة وإن جاءت وفق متطلبات الجهاز وسياساته، إلا أنها تترك أثراً بالغاً في النفوس، لأنها تعني نهاية فصلٍ مشرّف من العطاء والبذل.
منذ أن ارتدى اللواء المعايطة بزته العسكرية في رتبة ملازم ، أظهر ملامح ضابط مختلف، مزيجٌ نادر من العلم والثقافة والخبرة الميدانية... لم يكن مجرد ضابط يؤدّي واجباته، بل كان قائداً يضع المواطن في قلب اهتمامه، ويؤمن بأن الأمن رسالة إنسانية قبل أن يكون واجباً عسكرياً... عرف كيف يوازن بين حزم القانون ولين الإنسانية، وكان دائم الحضور في أصعب المواقف وأكثرها حساسية، ليقدم نموذجاً نادراً لرجل الأمن الذي لا يُنسى.
ليس من السهل الحديث عن رجل بهذه القامة دون أن تختلط مشاعر الفخر بالحزن... الفخر بما قدمه للوطن من تضحيات وإنجازات، والحزن لأنه يغادر موقعه الرسمي تاركاً خلفه فراغاً يصعب أن يُملأ... فقد كان اللواء المعايطة مثالاً للانضباط والتفاني، ورمزاً للالتزام الذي لا يعرف حدوداً... شخصيته المتواضعة والقريبة من الجميع جعلته محبوباً في الميدان وخارجه، ليصبح اسمه مرادفاً للثقة والاحترام.
إحالته إلى التقاعد ليست إلا نهاية لمرحلة وبداية لأخرى... فإرثه سيبقى محفوراً في ذاكرة زملائه وكل من تعامل معه، وسيظل تأثيره ملموساً في كل ركن من أركان جهاز الأمن العام... وإن كان التقاعد قد أنهى خدمته العسكرية، فإن خدمته للوطن مستمرة، سواء في ذاكرة المؤسسة أو في قلوب من عملوا معه.
إن احترامنا لقرار الإحالة لا ينفي ألم فقدان هذه القامة، ولكننا ندرك أن بصمات اللواء تامر المعايطة ستظل شاهدة على ما قدّمه من تفانٍ، وما غرسه من قيم نبيلة ستبقى منارة تهتدي بها الأجيال القادمة في جهاز الأمن العام.