نيروز الإخبارية : كتب: ماهر ابو طير
نيروز الإخبارية :
إذا وصل السوريون الفارون من المعارك في مناطق جنوب سوريا، الى الحدود الاردنية، مثلما تتوقع المعلومات، فإن الاردن سيجد نفسه امام مخيم جديد، على الحدود الاردنية السورية.
ليندا توم المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة قالت لوكالة فرانس برس ، يوم امس، ان النازحين يفرون بشكل أساسي من ريف درعا الشرقي، ويتوجهون بغالبيتهم إلى المنطقة الحدودية مع الأردن جنوباً، وتقدر الموجة الاولى بخمسة واربعين الفا.
العدد الاجمالي للسوريين في درعا والسويداء والقنيطرة، وفي المناطق التي تتواجد بها الفصائل العسكرية، يصل الى سبعمئة وخمسين الف سوري، وهذا يعني ان هناك اعدادا اضافية من السوريين مرشحة للمغادرة، خصوصا، اذا لم تنته العمليات سريعا، وهذا يقودنا في المحصلة الى التقارير التي تحدثت مرارا عن نزوح مئات الاف السوريين الى مناطق اخرى في جنوب سوريا، او نحو الحدود الاردنية السورية.
رئيس الحكومة د. عمر الرزاز اعاد التأكيد البارحة على موقف الاردن، حول ان الاردن لن يستقبل سوريين جددا، وهو كلام سبق ان سمعناه من مسؤولين حاليين، وسمعناه سابقا، من مسؤولين في حكومات سابقة، اضطروا ان يتراجعوا عن المعيار السياسي- الامني، من اجل الانساني، بسبب ضغوطات دولية، تأتي من دول ومؤسسات، تركت اساسا، الاردن امام كلفة الازمة السورية.
امام هذه السياقات، نحن امام سيناريوهين، اما ان تنتهي العمليات سريعا، ويعود السوريون الى مناطقهم، ولا نكون امام ازمة لجوء جديدة، واما أن تتواصل العمليات لوقت اطول، وتتدخل اطراف اخرى في هذه العمليات مثل الايرانيين والروس والاسرائيليين، فتشتد موجات النزوح نحو الاردن.
هذا يعني في المحصلة وفي حالة نفاذ السيناريو الثاني، اي العمليات طويلة المدى،التي ستؤدي الى تدمير البيوت والبنى التحتية، ان يتدفق الى الحدود مئات الالاف، ونحن امام حالة من حالتين، الاولى عدم السماح لهم، وللامر تداعياته، او ادخالهم الى الاردن ولهذا الخيار كلفته ايضا.
اذا واصل الاردن منعه لهؤلاء، فإن العالم ستشتد حملته من اجل الضغط على الاردن، من اجل ايصال المساعدات الانسانية، الى هذه المناطق، وتأمين العلاج، اضافة الى اقامة منطقة آمنة، على شكل مخيمات، خصوصا، اذا كانت الاعداد كبيرة، اذ لا يمكن ان يتم ترك هؤلاء، تحت الشمس وفي العراء، وفي ظروف خطيرة وصعبة، ولربما الاردن سيجد نفسه امام الخيار الاقل كلفة عليه، اي اقامة مخيمات مؤقتة لهؤلاء، داخل الارض السورية، وقرب الحدود الاردنية السورية، لكن بصيغ تستفيد من صيغة مخيم الركبان والمخاطر التي يعنيها، من حيث نوعية سكانه، والمسافات الفاصلة، بين المخيم والاردن، واحتمال وجود متسللين من الجماعات المتشددة بين هؤلاء.
ما يمكن قوله اليوم، ان كل حلفاء الاردن، من الاميركيين والروس، وغيرهم، ولحساباتهم المباشرة، لم يقفوا عند حسابات الاردن، ولا يهمهم ابدا، اي كلفة تتنزل على الاردن، الذي يحاول ان يحمي منطقة خفض التصعيد، لاعتباراته المباشرة، وهذا يؤشر من جهة اخرى، على ان معركة جنوب سوريا، قد تقودنا الى ما هو اسوأ، من تدفق سوريين الى الاردن، نحو وجود تشكيلات عسكرية تنتمي الى دول وتنظيمات واحزاب، تابعة لايران، وهي لن تتورع عن ايذاء اللاجئين اذا تموضعوا قرب الاردن.
محنة السوريين، من جهة، باتت محنة الاردنيين، لان الاردن يواجه تحديات كثيرة، وقد قلت في مقالة البارحة، ان دمشق الرسمية تتعمد ترحيل السوريين السنة، من سوريا، وتحويل الاردن الى مستودع بشري، وحاضنة سنية، من اجل اعادة رسم الديموغرافيا السورية، واعادة انتاج الهوية الداخلية، وهو امر يجري يوميا، دون ان يوقف احد النظام السوري عند حده وحدوده ايضا.
الدستور