في الأول من آذار عام ١٩٥٦م عمت ارجاء الوطن صيحة هاشمية عربية إسلامية اصيله وصلت باصدائها الحرة الشريف إلى ارجاء المعمورة عندما أعلن جلالة المغفور له الملك الشاب انذاك والذي لم يمضي على اعتلاءه العرش سوى فترة قليله المرحوم جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه عندما قرر بكل شجاعة وشموخ تعريب قيادة الجيش الأردني وإنهاء خدمات الجنرال غلوب باشا وعدد من ضباطه الانحليز ليصبح الجيش العربي الأردني ولأول مره في تاريخه تحت قيادة أبناءه من أبناء هذا الوطن.
لم تكن هذه الخطوة الجريئه الشجاعه وليدة لحظتها ولم تأتي نتيجة لحظة إنفعالات انيه لكنها كانت فكرة راسخة في أعماق فكر الحسين وقرار حكيم مدروس لكل تداعياته ومعرفة تامه بكل تبعاته ونتائجه وانعكاساته على الاردن الذي كان يعتمد بشكل شبه كامل على بريطانيا اقتصاديا وعسكريا ليكون هذا التحدي الملفع بكل معاني الحكمة الهاشميه المعهوده التي استندت بشكل رئيسي إلى الثقة المطلقة والكبيرة بأبناء الاردن من الضباط التي تعززها إمكانياتهم وتميزهم وقدراتهم وفوق ذلك كله ولائهم المطلق لقيادتهم وانتمائهم لتراب وطنهم الطهور ورغبتهم العارمه في التخلص من سيطرة القياده الاجنبيه التي تتخذ قرارتها حسب رغبة بلادها ومصالحها وقد ظهر ذلك جليا في العديد من المواقف العسكريه في حرب عام ٤٨ وما تلاها من معارك مع العصابات الصهيونية انذاك .
لم يكن قرار تعريب قيادة الجيش العربي الأردني قرارا افرح الأردنيين فحسب بل وصل صداه الإيجابي ارجاء الوطن العربي لتعم الفرحة أبناء العروبة على امتداد الوطن العربي الذي كانت تعاني العديد من بلدانه من نير الاستعمار ليكون هذا القرار منارة تهتدي بها هذه البلدان نحو الاستقلال ولتكون الهاما لقادته بأن الاستقلال ليس مستحيلا ولا ضربا من الخيال بل يمكن تحقيقه وانجازه مهما بلغت الصعوبات والتحديات اذا توفرت الاراده والشجاعه والتصميم والإيمان.
بعد هذا القرار الشجاع اصبح الضباط الأردنيين في سباق مع الزمن بالتصدي للتحديات وتجاوز العقبات على أرض الميدان تدريبا وتسليحا وتنظيما بعقول وسواعد ارنيه والعمل على غرس العقيدة القتالية بفكر أردني بحت يستند إلى التاريخ المشرف لهذا الوطن والايمان بالواجبات والمهام التي تضطلع بها القوات المسلحه الاردنيه والاستعداد بالتضحية بالروح من أجل تحقيقها وان يكون الهدف الأسمى النصر والشهاده كما أمرنا ديننا الإسلامي الحنيف ليكون هذا الأبعاد بمجملها الكائز الاساسيه لهذا البناء العقائدي الجديد للجيش المصطفوي .
وكان للحسين رحمه الله وضباطه وجنوده الأردنيين ما أرادوا وتحقق لهم ما خططوا اليه حيث تطور الجيش الأردني تطورا متسارعا من كافة النواحي وأصبح من الجيوش التي يشار لها بالبنان في المنطقه وليحقق في حينه العديد من الانتصارات في الميدان على أرض فلسطين الحبيبه . لقد كان هذا البناء القوي المتين للقوات المسلحه الاردنيه بعد التعريب قاعدة انطلاق ثابته نحو التقدم والتميز والازدهار الذي شمل كافة الصنوف حيث يشهد على ذلك العالم بأن هذا الجيش وصل إلى درجة عالية من الاحترافية اكسبته ثقة واحترام العالم ليكون جنوده وضباطه رسل سلام ومحبه طافوا ارجاء الدنيا كما كانوا على الدوام رجال وابطال في ميادين الشرف والبطولة ضحوا بارواحهم ودمائهم على أرض فلسطين والجولان ويكونوا سندا وعونا في كثير من الظروف الصعبه للعديد من بلاد العروبه ولتكون بيارق النصر تاجا يزين هامات رجالها عزة وشهادة وكرامه في يوم الكرامه.
ان ما ينعم به هذا الوطن وأبنائه من أمن وأمان واستقرار في إقليم مضطرب على امتداد سنوات طويله هو نتاج حتمي للجهود العظيمه التي يبذلها جلالة القائد الأعلى للقوات المسلحه الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه في مواصلة النهج الهاشمي بالاهتمام الكبير في القوات المسلحه كيف لا وجلالته هو جندي من جنودها وقائدا فذا من قادتها أمضى زهرة شبابه في خنادقها ليكون الأقرب والاعرف بكل احتياجاتها.
سيبقى ذكرى تعريب قيادة الجيش الاردني في كل عام قاعدة للانطلاق من جديد نحو المعالي وركيزة اساسية نحو تحقيق المزيد من الانجازات ودافاعا قويا لأهمية صون مقدرات هذا الوطن وحمايته من كل اعدائه المتربصين والمتآمرين ...
وبهذه المناسبه نتوجه كمتقاعدين عسكريين بتحية الاجلال والاكبار لقائدنا المفدى ولرفاق السلاح الرايضين على حدود الوطن ولرجال اجهزتنا الامنيه الساهرين على أمنه واستقراره مؤكدين بأن نبقى على العهد بأن نبقى الأكثر جاهزية والاسرع تلبية لنداء الوطن في كل الظروف وعند مدلهمات الخطوب ..
حمى الله الوطن وحفظ جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين وولي عهده الأمين ولقواتنا المسلحه واجهزتنا الامنيه دوام التقدم والتطور والازدهار