آه يا ليل القلم ... الذي يأبى ان يغادر مضارب عجرمة … و آهٍ من مداده حين يخطّ ما غاب عن صفحات التاريخ...
ها هو يعود، لا ؛ لآباهي به بمداد الزهو، بل ليشهد ويُشهِد، أنّ في بني عجرمة ايضا فارساً من الكلمة، شاعراً من الروح، اسمه (عقاب بركات العجارمة) .. رحمه الله
حين كانت العرب تتباهى بشعر جميل بثينة، وبقيس ليلى، وبقيس لبنى… كان في الأردن شاعر لا يقلّ عنهم شغفاً ولا جزالة، لكنه بقي، بعيداً عن وهج الروايات التي تسرّبت إلى دواوين الشعر ...
لقد كان عقاب شاعراً مثقفاً، يزن قصيدته بميزان النحو والصرف، وكأن شعره النبطي ولِد من رحم الفصاحة نفسها..
لكن الزمن لم يكن رحيمًا بعقاب العجارمة…
فقد حمل قلبه المثقل بالكلمة التي لم تُسمع، وبالعدل الذي لم يُعرف، حتى انتهى به الأمر إلى أن يغادر الحياة قبل أن يرى حقه مكتوباً في صفحات التاريخ..
أراد أن يُكتب اسمه بجانب أساطير العشق والشعر، لكنه لم يأخذ حقه من الإنصاف. ، صوته كنبض الفجر، لكن الدنيا لم تسمع جيداً ذلك الصدى… وسيبقى للأجيال أن تروي قصته كما يروي البدوي حكايته عند النار ...
رحل عن الدنيا، لكنه لم يرحل عن الشعر، ولم يرحل عن الذاكرة…
فقد بقي صوته يصدح ب حسبان وبين نسائم الصباح، بين جدران البيوت القديمة، كأنه يقول: "أنا كنت هنا، وأنا كتبت، وأنا أحببت، ولم أخف الحقيقة ...
وفي موته كانت هناك مأساة عظيمة، لكنها أيضاً شهادة على صدق الشعر وروح الإنسان الذي لم يساوم على كلمته. لقد اختار أن يذهب، لكن كلماته بقيت حية، تتنفس بيننا، تلهم من يأتي بعده، وتذكرنا أن التاريخ لا يحفظ الحق دائماً، وأن الشهرة لا تساوي الحقيقة...
عقاب في الثرا ، لكنه صار رمزا للأمانة الأدبية، والشعر ، وسنبقى نذكره، ونقرأه، ونحكي عنه، حتى يصبح اسمه، كما كان يريد، حياً في الذاكرة...
يا عقاب ...
أحييك بدمع العين، وأرثيك بوجدانٍ صافي
رحلت عنّا بدنيا البشر، لكن روحك باقية في كل شافي ..