في كل صباح، يخرج طفل إلى مدرسته، وربة بيت إلى سوقها، وموظف إلى عمله. لكن جميعهم يشتركون بشيء واحد: الخوف. خوف من زمرة كلاب ضالة تنتظر عند زاوية شارع، أو عند باب مدرسة، أو قرب حاوية نفايات. صار مشهد الكلاب الضالة أشبه بظل ثقيل يرافق حياتنا اليومية، حتى بات بعض الأهالي يرافقون أبناءهم للمدارس خوفًا من هجوم مفاجئ.
رغم إعلان أمانة عمان الكبرى عن برنامج التعقيم والتطعيم وإعادة الكلاب إلى أماكنها، إلا أن الواقع على الأرض لا يزال صادمًا. ففي الأشهر الماضية وحدها، تم تسجيل عشرات حالات العقر في العاصمة، بعضها استدعى إدخال المصابين إلى المستشفيات وتلقي مطاعيم ضد داء السعار. الأرقام تتزايد، والقلق يتضاعف، وكأننا أمام معركة خاسرة ضد خصم يعرف كيف يتكاثر أسرع من قدرتنا على السيطرة.
البرنامج بُني على نوايا حسنة: تقليل التكاثر وتقليل العدوانية. لكن الحقيقة أن الشارع ليس مختبرًا مغلقًا، ولا يمكن للكلاب أن تُضبط كلها بعملية تعقيم أو تطعيم. فما الجدوى من إعادة الكلاب إلى الشوارع نفسها التي تشهد اعتداءات متكررة؟ أليس ذلك كمن يُعيد النار إلى كومة قش بعد أن رشّ عليها قليلًا من الماء؟
الخوف الذي يعيشه الناس اليوم ليس خوفًا عابرًا، بل صار حالة نفسية جماعية. أمهات يحذرن أبناءهن: "غيّر طريقك"، موظفون يختصرون مسارهم رغم طول المسافة، كبار سن يتجنبون الخروج ليلًا. هذا الخوف اليومي يذكّرنا بأن السلامة العامة ليست تفصيلًا ثانويًا، بل حق أساسي.
نحن لا ندعو للقتل العشوائي ولا لانتهاك حقوق الحيوان، لكننا نسأل بوضوح: أين التوازن بين حق الإنسان في الأمن، وحق الحيوان في الحياة؟ هل يجوز أن يُترك مواطن أعزل يواجه قطيعًا من الكلاب بدعوى أن الحلول "إنسانية"؟ أليس من الإنسانية أيضًا أن نحمي الطفل الذي قد يفقد حياته بسبب عضة؟
الحل لا يكمن في التعقيم وحده، بل في خطة شاملة: إنشاء مراكز إيواء حقيقية، توعية مجتمعية، شراكة مع جمعيات مختصة، وقرارات أكثر جرأة لحماية الأرواح. وإلا فسنظل ندور في حلقة مفرغة، نخسر فيها راحة الناس وسلامتهم، بينما يتضاعف الخوف ككرة ثلج تهدد بطمس أبسط حقوقنا اليومية: أن نمشي في الشارع بلا خوف.