في الأيام الأخيرة، ضجت وسائل التواصل الإجتماعي بمقطع مصور منسوب إلى رئيس وزراء سابق ، أثار موجة واسعة من الجدل بين الأردنيين ، وتباينت الآراء حول حقيقة هذا الفيديو، وسط مؤشرات قوية على إحتمال تدخل تقنيات الذكاء الإصطناعي لتعديله أو تحريفه بطريقة تسيء إلى جهاز المخابرات العامة ، حيث ظهر فيه ما يوحي بأن رئيس الوزراء السابق قال إن مدير المخابرات أقوى من رئيس الحكومة .
وقد ترددت في التعليق على هذا الموضوع بداية ، خشية أن يساء فهم موقفي، لكني وجدت أن واجبي الوطني يحتم علي الدفاع عن هذا الجهاز الوطني الكبير الذي نعتز ونفخر به جميعا ، وبعد الإستماع إلى كل ما قيل وتحليل ما نشر ، تبين لي أن ما يجري ليس مجرد فيديو عابر، بل حلقة في سلسلة محاولات مريبة لضرب الثقة بمؤسساتنا الأمنية، وعلى رأسها المخابرات العامة الأردنية.
فقد يراه البعض تصريحا عاديا أو زلة لسان، لكنه في الحقيقة يحمل أبعادا أخطر بكثير، إذا ما إستخدم في سياق يهدف إلى التشكيك في مؤسسات الدولة، أو إلى خلق فجوة بين المواطن وأجهزته الوطنية. فالمخابرات الأردنية لم تكن يوما خصما لأي جهة، بل كانت وستبقى صمام الأمان الأول للأردن، وحصن الوطن الذي يتصدى لكل مؤامرة تستهدف أمنه وإستقراره.
وأي محاولة للمساس بمكانة هذا الجهاز أو تشويه صورته، إنما تمس الأردن بأكمله ، فالمخابرات العامة ليست كيانا معزولا عن الدولة، بل هي جزء أصيل من منظومتها، تعمل بتوجيهات القيادة الهاشمية الحكيمة، وتتكامل مع الحكومات ومؤسسات الدولة الأخرى، لتضمن إستقرار البلاد وتحميها من الفتن والعواصف التي إجتاحت محيطنا العربي .
وما يدعو للقلق اليوم هو دخول الذكاء الإصطناعي على خط الصراعات السياسية والإعلامية، وإستخدامه كسلاح لتزييف الحقائق وصناعة الفتن ، فمقطع واحد مزور قد يشعل الرأي العام ويحدث شرخا في الوعي الوطني إن لم يقابل بوعي راسخ وإدراك مسؤول ، وهنا تكمن أهمية التثبت قبل التناقل، والتمييز بين النقد البناء ومحاولات الهدم المتعمدة.
فقد أثبتت المخابرات الأردنية عبر عقود طويلة أنها مؤسسة وطنية نقية، تعمل بصمت وكفاءة، وتحافظ على أمن كل أردني دون تمييز ، وهي درع هذا الوطن وسياجه المنيع، وقد قدمت الشهداء والتضحيات بصمت وشرف من أجل أن يبقى الأردن واحة أمن وإستقرار وسط إقليم مضطرب.
من هنا، فإن الدفاع عن المخابرات ليس دفاعا عن مؤسسة فقط، بل عن الأردن نفسه ، ومن يسعى للنيل منها إنما يستهدف كيان الدولة وهيبتها وثقة الشعب بمؤسساته.
فالأردن قوي بمؤسساته ، والمخابرات هي قلب هذه المؤسسات النابض بالأمن والعزيمة. ولن يسمح الأردنيون ، قيادة وشعبا ، لأي صوت أو وسيلة أن تعبث بهذه الثقة، أو أن تشوه صورة الجهاز الذي ظل حارسا أمينا للوطن منذ تأسيسه.
فمن يهاجم المخابرات، يهاجم الأردن ،
ومن يدافع عنها ، إنما يدافع عن الوطن وكرامته ومستقبله.