نيروز الإخبارية تحاور نجل شيخ الورّاقين:
كشك الطليعة ذاكرة عمّان الثقافية منذ 1949
نيروز –
خاص – محمد محسن عبيدات
أجرت وكالة نيروز الإخبارية لقاءً صحفيًا
خاصًا مع السيد سامي أحمد أبو حسين، نجل المرحوم الكاتب أحمد أبو حسين، الذي يُعدّ
شيخ الورّاقين وأقدم بائع صحف وكتب في العاصمة عمّان، للحديث عن تاريخ كشك الطليعة،
ذلك المعلم الثقافي الذي ارتبط بوجدان المدينة وذاكرتها منذ عام 1949.
نيروز الإخبارية: بدايةً، حدّثنا عن البدايات
الأولى لكشك الطليعة.
سامي أبو حسين: البدايات تعود إلى أواخر الأربعينيات، وتحديدًا
عام 1949، حين بدأ والدي المرحوم أحمد أبو حسين ببيع الصحف والكتب في وسط البلد، بدافع
شغفه بالمعرفة وإيمانه بأن الكلمة المكتوبة هي أساس الوعي. لم يكن الكشك في بدايته
سوى مساحة صغيرة، لكنه كان كبيرًا بروحه ورسالة صاحبه.
نيروز الإخبارية: لماذا أُطلق عليه اسم "كشك
الطليعة”؟
سامي أبو حسين: اختار والدي اسم "الطليعة” ليكون معبّرًا
عن الدور الذي أراده للكشك؛ أن يكون في طليعة نشر الفكر، ومواكبًا لما هو جديد في الصحافة
والثقافة والأدب. الاسم لم يكن تجاريًا بقدر ما كان موقفًا ثقافيًا واضحًا.
نيروز الإخبارية: كيف تحوّل الكشك إلى معلم
ثقافي في عمّان؟
سامي أبو حسين: الكشك لم يكن مكانًا للبيع فقط، بل ملتقى
يوميًا للمثقفين، والكتّاب، والصحفيين، والطلبة، وحتى السياسيين. كان والدي قارئًا
نهمًا وكاتبًا محبًا للحوار، يعرف زبائنه بالاسم، ويناقشهم في محتوى الصحف والكتب.
مع الوقت أصبح الكشك جزءًا من المشهد الثقافي لوسط البلد، وذاكرة حيّة لأحداث الأردن
والمنطقة.
نيروز الإخبارية: يُلقّب المرحوم أحمد أبو
حسين بشيخ الورّاقين، ماذا يعني لك هذا اللقب؟
سامي أبو حسين: هذا اللقب أعتز به كثيرًا، لأنه لم يأتِ من
فراغ. والدي أفنى عمره بين الصحف والكتب، وكان حريصًا على إيصال المعرفة للجميع دون
تمييز. لقب "شيخ الورّاقين” هو شهادة محبة واحترام من كل من عرفه وتعامل معه.
نيروز الإخبارية: ما أبرز المواقف أو الذكريات
التي لا تزال عالقة في ذهنك؟
سامي أبو حسين: أذكر أن كثيرين كانوا يأتون إلى الكشك لا
لشراء صحيفة فقط، بل لسؤال والدي عن كتاب، أو رأيه في حدث سياسي أو ثقافي. كان يعتبر
نفسه خادمًا للثقافة، وكان يقول دائمًا: "الكتاب صديق لا يخون، والصحيفة شاهد على الزمن.”
نيروز الإخبارية: كيف ترى دور كشك الطليعة
اليوم؟
سامي أبو حسين: رغم تغيّر الزمن ووسائل المعرفة،
سيبقى كشك الطليعة رمزًا لعصر جميل، ودليلًا على أن الثقافة يمكن أن تولد من أبسط الأماكن.
أتمنى أن يبقى محافظًا على روحه، وأن يُنظر إليه كإرث ثقافي يجب الحفاظ عليه.
نيروز الإخبارية: كلمة أخيرة تودّ توجيهها؟
سامي أبو حسين: أشكر نيروز الإخبارية على هذا الاهتمام، وأدعو
الأجيال الجديدة إلى التمسك بالكتاب والصحيفة، لأنهما أساس الوعي والهوية. وأتمنى أن
يُذكر اسم والدي دائمًا مقرونًا بمحبة الناس واحترامهم، فهذا هو الإرث الحقيقي.
خاتمة نيروز الإخبارية: يظل كشك الطليعة، الذي أسّسه شيخ الورّاقين
المرحوم أحمد أبو حسين عام 1949، شاهدًا حيًا على تاريخ الصحافة والكتاب في عمّان،
ومساحةً مضيئة في ذاكرة المدينة الثقافية، حيث ما زالت رائحة الورق تحكي حكايات زمنٍ
لا يُنسى.