متحف صلح الحديبية: قصة نجاح وحوار مفتوح
مع رئيس مجلس إدارته الدكتور حمود الثبيتي
نيروز – خاص: الكاتب والإعلامي محمد محسن
عبيدات
في الحديبية، حيث توقّف الزمن عند لحظة فاصلة
أعادت تشكيل مسار الدعوة الإسلامية، لا يقف التاريخ صامتًا، بل ينبض بالحياة من جديد
عبر متحف صلح الحديبية، ذلك الصرح الثقافي والمعرفي الذي نجح في ترجمة حدث عظيم من
صفحات السيرة النبوية إلى تجربة إنسانية وروحية معاصرة.
في هذا اللقاء الخاص، التقت نيروز الإخبارية
بسعادة الشيخ الدكتور حمود الثبيتي، رئيس مجلس إدارة وصاحب متحف صلح الحديبية، للحديث عن قصة
التأسيس، والرؤية الفكرية، والرسالة الحضارية للمتحف، في تجربة تُعد اليوم واحدة من
أنجح المبادرات الثقافية المتخصصة في التاريخ الإسلامي بالمملكة.
بدايةً، نرحب بكم سعادة الشيخ الدكتور ، ونود أن نبدأ
من الجذور: كيف وُلدت فكرة إنشاء متحف صلح الحديبية؟
الشيخ حمود الثبيتي:
أهلًا وسهلًا بكم، وأشكر لكم هذا الاهتمام
الذي نعتز به. فكرة متحف صلح الحديبية لم تكن مشروعًا عابرًا، بل حلمًا وواجبًا تاريخيًا.
هذا المكان شهد واحدة من أعظم المحطات في السيرة النبوية، محطة علّمت الإنسانية معنى
الحكمة، والصبر، والسلام القائم على قوة الموقف لا ضعف القرار.
من هنا جاءت القناعة بضرورة إنشاء متحف يُخلّد
هذا الحدث، لا بطريقة تقليدية، بل برؤية عصرية تُخاطب العقل والوجدان معًا، وتحافظ
في الوقت ذاته على قدسية المكان وعظمة الحدث.
ما الذي يجعل متحف صلح الحديبية مختلفًا عن
غيره من المتاحف التاريخية؟
الشيخ حمود الثبيتي:
أبرز ما يميز المتحف هو المكان؛ فنحن نقف
على أرض الحدث ذاته، حيث كُتب الصلح، وهذا يمنح الزائر إحساسًا لا يمكن نقله بالكلمات.
إضافة إلى ذلك، حرصنا على أن يكون المتحف
تجربة متكاملة، لا مجرد قاعات عرض، فهناك مجسمات، ومحاكاة بصرية، ولوحات تفسيرية، ومقتنيات
نادرة، تعيد تشكيل المشهد التاريخي بكل تفاصيله، وتربط الزائر بالسياق الزمني والإنساني
للحدث.
حدّثونا عن أبرز المعروضات التي يضمها المتحف؟
الشيخ حمود الثبيتي:
يضم المتحف آلاف القطع التراثية والتاريخية
التي توثق مراحل متعددة من تاريخ الجزيرة العربية، بدءًا من الأدوات والأواني القديمة،
والساعات الأثرية، والمقتنيات العثمانية، وصولًا إلى مجسمات تحاكي شجرة الرضوان وبئر
الحديبية.
كما حرصنا على الربط بين التاريخ الإسلامي
ومسيرة التطور الحضاري، من خلال معروضات نادرة مثل السيارات التاريخية وطائرة دفاع
مدني قديمة، في رسالة مفادها أن هذه الأرض كانت ولا تزال حاضنة للحضارة والإنسان.
ما الرسالة الأساسية التي يحملها المتحف لزوّاره،
خاصة فئة الشباب؟
الشيخ حمود الثبيتي:
رسالتنا واضحة: الإسلام دين سلام وبصيرة وتخطيط
استراتيجي. صلح الحديبية لم يكن تنازلًا، بل كان فتحًا مبينًا سبق فتح مكة، وأثبت أن
الحوار والتفاهم أقوى من الصدام.
نحرص على إيصال هذه القيم للشباب، وتعزيز
مفهوم أن القوة الحقيقية تكمن في الحكمة، وأن السلام خيار الأقوياء وأساس بناء الأمم.
لا شك أن هذا الإنجاز تطلّب جهدًا كبيرًا،
كيف تصفون رحلة العمل والتحديات؟
الشيخ حمود الثبيتي:
الرحلة لم تكن سهلة، بل كانت مليئة بالتحديات،
من التخطيط إلى التنفيذ، ومن جمع المقتنيات إلى إخراج المتحف بالصورة التي تليق بعظمة
الحدث.
لكن بفضل الله أولًا، ثم بدعم القيادة الرشيدة،
والتعاون مع الجهات الرسمية، وبجهود فريق عمل مؤمن بالفكرة، استطعنا تجاوز الصعاب وتحويل
الحلم إلى واقع مشرف نفخر به.
كلمة أخيرة توجهونها للزوار والمهتمين بالتاريخ
الإسلامي؟
الشيخ حمود الثبيتي:
أدعو الجميع، من داخل المملكة وخارجها، إلى
زيارة متحف صلح الحديبية. هو ليس مجرد متحف، بل رحلة فكرية وروحية تعيد قراءة التاريخ
بوعي معاصر، وتؤكد أن رسالة الإسلام قامت على السلام، وأن المستقبل يُبنى بالفهم العميق
للماضي.
إشادة خاصة | قصة نجاح تُروى
يُسجَّل لسعادة الشيخ حمود الثبيتي نموذجٌ
متقدم في الإدارة الثقافية الواعية، حيث جمع بين الرؤية الفكرية، والإخلاص للمكان،
والقدرة على تحويل التاريخ إلى مشروع حضاري حي.
لقد نجح، بعزيمته وإدارته الحكيمة، في أن
يجعل من متحف صلح الحديبية منارة معرفية وسياحية، وواجهة مشرقة تعكس اهتمام المملكة
بصون تاريخها الإسلامي وتقديمه للعالم بلغة حضارية راقية.
إن تجربة الشيخ حمود الثبيتي في إدارة هذا
الصرح تُعد قصة نجاح ملهمة، تُثبت أن المبادرات الفردية حين تقترن بالإيمان والرؤية
تتحول إلى إنجازات وطنية خالدة، تُضاف إلى سجل المملكة الزاخر بالمنجزات الثقافية والحضارية.