نيروز الإخبارية : نيروز الإخبارية:
الدكتور عديل الشرمان
يقسم ابو علي ( الاسم هنا رمزي تعبيري) بالله مغلظا قسمه الا ان يقيم طعام الغداء, وأن تكون (عزومة) وليمة يحكي عنها كل الناس, فهي انعكاس لكرمه الحاتمي الذي اعتاد من خلاله أن ينصب الشرك والفخ لإقامة العلاقات الحميمة مع المسؤولين والشخصيات, وهي واحدة من مصادر الوجاهة التي اعتاد أن يقيمها للمسؤولين واصحاب النفوذ طالبا من ورائها الأجر والثواب والتعارف والمودة والمحبة بين الناس !!! .
المدير يجلس في مكتبه, جرس الهاتف يدق, المتكلم ابو علي ويقسم على المدير أن يحضر, مخبرا أن طعام الغداء سيقام على شرفه ومن اجله, ولا يريد من ورائه الا كسب المودة واعلان الاحترام.
الساعة الثالثة مساء , السيارات الفارهة التي يدل وجودها على الأجر والثواب تتجمع في ساحة البيت , يحمل بعضها لوحات حمراء, واخرى تتزين لوحاتها بنجوم سباعية, وسيارات اخرى بأرقام مميزة, والمصورون متأهبون يلتقطون الصور هنا وهناك, انها صور يتم التقاطها للمسؤولين وصناع القرار من اجل الذكرى فقط, وليست كالصور التي يتم التقاطها في مسرح الجريمة لإثبات الادانة, او لاستخدامها للنشر كأدلة مادية على حدوث الجريمة وقت الحاجة, انها صور للذكرى فقط !!! التقطت بحسن النية, ودليل على المودة والمحبة التي جمعت الحضور.
السكرتير: سيدي في شخص يدعى ابو علي يريد مقابلتك, الزمان التاسعة صباحا في الاسبوع التالي لمأدبة الغداء , يدخل ابو علي مبتسما , يلقي بالتحية بجرأة عالية, ينهض المدير من خلف مكتبه منتصبا وقد امتلأت عيناه حياء, ويعانق ابا علي, يتبادل الاثنان اطراف الحديث والمجاملات والسفسطة الكلامية التي تثير الغثيان في النفس والتي فاقت الساعة الكاملة, ولم يخلو الحديث من التذكير بمأدبة الغداء.
ينتهي اللقاء مقابل وعد المدير لأبي علي بأن طلبه قيد التنفيذ, يخرج ابو علي فرحا مسرورا وقد بلغ نشوته بعلاقته الحميمة مع المدير, في حين يتمتم المدير بكلمات لا يفهم منها الا الشعور بالندم على ما دخل جوفه في ذلك اليوم.
انها في معظمها شكل من اشكال التباهي والوجاهة والواسطة الخبيثة, والمحسوبية البغيظة, التي فيها جزء كبير من هضم الحقوق, وأكل لأرزاق الناس, والتعدي على قيم العدالة والمساواة بين المواطنين, وهي شكل من اشكال الفساد والترهل الاداري , والامل في تحقيق أهداف شخصية، ولون من الوان الظلم الاجتماعي الذي يقود الى الاحباط والحقد والكراهية لدى شريحة كبيرة من المجتمع, ويقتل روح الابداع لدى المخلصين والمتفانين في اعمالهم ممن لا يملكون ولا يفكرون بهذه الوسائل التي توصلهم الى طموحاتهم، وهي (لقمة السم) التي تؤدي التي تجاوز الأنظمة والتعليمات, يربح فيها طرف ويخسر آخر