خلود الخطاطبة
نيروز- في ظل حالة عدم الثقة بين المواطن والحكومة نتيجة السياسات الاقتصادية والسياسية المتلاحقة، تخرج الحكومة للحديث عن إنشاء منصة "رسمية" لمتابعة ما يتم تداوله على منصات التواصل الاجتماعي والإعلام بغرض تفنيد "غير الصحيح" منه وتوضيح ما هو مبهم، وفق ما حددته من أهداف لخطوتها الجديدة.
من يطلع على أبجديات الإعلام، يدرك تماما بان أي منصة حكومية تتعامل مع مراقبة المحتوى الإعلامي، تفقد مشروعية إنشائها، بمجرد أنها خطوة متفردة من الجهات الرسمية، فماذا يمكن أن تقدم منصة حكومية للمواطن الذي لا يثق بالخطاب الحكومي بمجمله أصلا.
الملفت في الموضوع، أن القائمين على إنشاء المنصة برعاية وزارة الدولة لشؤون الإعلام، يميلون الى استخدام وسم "حقك_تعرف" وهو وسم ما زال محفورا في ذاكرة الاردنيين عندما أطلقته حكومة الدكتور هاني الملقي المقالة في نهاية العام 2017 بهدف الترويج لإجراءاتها الاقتصادية من رفع أسعار الخبر ورفع نسب ضريبة المبيعات والترويج لقانون ضريبة الدخل المعدل، بمعنى أن الاسم له مدلول سلبي وغير متوازن.
بإمكان أي شخص مراجعة كافة الرسائل التي بثتها حكومة الدكتور هاني الملقي عبر هذا الوسم (حقك_تعرف) على صفحة رئاسة الوزراء، ليدرك تماما بأن منصة حكومية تحت هذا الاسم هي فارغة من مضمونها، خاصة عندما يكون الهدف الرسمي المعلن من إنشائها هو مكافحة الشائعة ووقف تداول المعلومات الكاذبة، وهذا هدف غير قابل للتصديق في ظل منصة جديدة قد يكون هدفها الترويج لسياسات حكومية.
كما أن الحكومة لا تدرك بأنها جزء مهم وسبب في انتشار الشائعة، كونها في كل مرة يواجه فيها الرأي العام قضية، تكتفي بإخفاء رأسها في حفرة، تاركة الحبل على غاربه لمن أراد أن يكذب أو يروج لشائعة، ولا تكلف نفسها عناء بيان الحقيقة عبر ضمان تدفق المعلومات للإعلام ورواد المنصات الالكترونية.
في ظل الحديث عن ايجاد أجسام أخرى ضمن منظومة الشفافية والنزاهة في مجال الإعلام، يجب أن لا تكون الحكومة بصفتها أحد أسباب انتشار الشائعة، الحاضنة لمنصة هدفها توضيح الحقيقة، فاذا كان هناك رغبة حقيقية بإنشاء هذه المنصة، فيجب أن تكون مستقلة وممثلة للجسم الاعلامي والصحفي والمواطن حتى تبنى على المصداقية منذ بدايتها.
تفنيد الشائعات عبر الشفافية لا يمكن أن يتم على الأقل حاليا عبر منصة حكومية، لا يرتضيها ولا يقتنع بها الجسم الإعلامي والصحفي ولن تشكل له أية مصدر لمعلوماته، لذلك فان الإصرار على إنشائها بهذا الشكل دون الدخول في حوار مع الأطراف المعنية والأخذ بوجهة نظرهم والتفرد بالقرار، هو دليل على فشل هذه الخطوة قبل ولادتها.
بإمكان الحكومة أن توفر على نفسها الجهد، بإجراء استفتاء بسيط عبر صفحاتها على منصات التواصل الاجتماعي، بتوجيه سؤال عام يقول نصه "هل تؤيد إنشاء منصة حكومية لرصد الأخبار وفرزها وتوضيحها؟، وأعتقد أنها ستسمع الجواب من متخصصين ومواطنين.
أدعو رئيس الحكومة الدكتور عمر الرزاز الى إعادة دراسة هذا الأمر ضمن صيغة تضمن استقلالية المنصة عن الحكومة بالتوازي مع تحسين التعديلات على قانون حق الحصول على المعلومات، اذا أريد لمثل هذه المنصة النجاح، لأنه من الواضح أن القائمين على إنشائه لا يريدون أن يستمعوا لنصيحة من أحد، وسنستمر في إهدار المال، على مشاريع محكوم عليها بالفشل منذ بدايتها.