نقاوةُ القلوبِ هيَ ما نَبحثُ عنهُ قبل كلِّ شيءٍ عندَ تَعامُلنا مع الآخرين، لأنَّ المظهرَ الخارجي غالباً ما يَخدع الإنسان ويضلِّله، فالإنسان يتفنن ويبتكر طرقاً كثيرة لخداع الآخرين وتضليلهم، ويجد طرقاً مختلفة جديدة لم تخطر على بال أحد. لذلك فالبحثُ عن نقاوة القلوب لدى الآخرين أمرٌ أساسيٌ وضروريٌ في الحياة إذا أردنا أن نخوض حياةً ناجحةً في كافة مجالات الحياة.
وبعكسِ النقاوةِ تكون النجاسة والخداع والمراوغة، وكثيرون يقعون ضحايا ذلك، فالقلب المخادع لا تهمه لا القيم ولا المبادئ ولا الإنسانية بل يهمه أن يشبع رغباته تحقيق وطموحه الجامح ولو كان على حساب أي شيء.
ولذلك، فلا سبيل لإستقامة المجتمعاتِ وتقدُّمها وإعلاء شأنها من السعي نحو البحث عن كيفية تنقية القلوب لتكون صافية عذبة كالنهر السلسال الصافي العذب الذي تتدفق مياهه النقية والصافية من أعماق الأرض. هكذا يجب أن تكون نقاوة قلوبنا حيث تنعكس إيجاباً على كافة جوانب حياتنا والتي بدونها أيضاً لن نقدر حتى أن نرى وجه الله " فطوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله". لذلك فأول ما نسعى إليه في حياتنا وقبل كل شيء هو أن ننقِيَّ قلوبَنَا، فنقاوة القلب تنعكس على نقاوة الجسد، وما يدنس حياتنا حقيقةً ينبع من داخلنا من قلب نجس طماع شرير، فمن القلب الصالح يخرج الصلاح ومن القلب الشرير يخرج الشّر. والطريق الوحيد لتنقية القلوب هو كلام الله، فكلام الله ينقِّي قلوبَنا ويَغسِل أعماقنا ويخلقنا من جديد، فتنبع من دواخلنا روح المحبة والصدق والإخلاص والوفاء والتضحية.
ومن مثل هذه القلوب النقية يقوي حبّنا لله وحبُّنا للجار وحبّنا لأوطاننا ولهويتنا، وكذلك تقوى إرداتنا في الوقوفُ بوجه الظلم والقهر، والسعي نحو إعلاء شأن الحق ومناصرته. فلا يمكن لإنقياء القلوب أن يبقوا صامتين تجاه قضايا الظلم التي يتعرض لها العالم من حولنا، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والإستمرار في التنكيل بشعبها وقمعه. ومن هنا نرى هبَّة العالم للمطالبة برفع الظلم ونصرة الفلسطينيين وحقهم في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية واستمرارية صون وحماية ورعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية تحت الرعاية الهاشمية.
فقلوبنا النقية تبقى المحرك لنا لنكون صوتُ الله في إدانة الظلم والقهر والإحتلال ومناصرة المظلومين والمستضعفين والمقهورين، والمناشدة الفعالة من أجل الدفع بإتجاه العدالة والسلام. وهذا هو ما يجتاجه عالمنا اليوم من أناس يتمتعون بقلوب نقية طاهرة.