ما بين رجم الغراب وخشم العقاب تاريخ يغرف من غور سحيق ثري ، للحضارات هنا صهيل يملأ الفضاء الرحب ،" اينما بثت الريح اعصارها ، كنت في وجهها واقفا ما انحنيت " .
الجديدة ؛ تقف على خاصرة اللجون ؛ " ماريتا" مركز الفيلق الروماني الرابع حارس المدى البعيد بابراجه العشرين ، الحصن العتيد الذي يسانده في الحراسة عيون مبثوثة في البوادي كمراكز استطلاع متقدمة خفرائها رجم ابوركبة وقصور بشير وخربة الفتيان .
الجديدة يعاضد كتفها الشمالي قرية حمود والسماكية ، ويعانق كتفها القبلي بلدة ادر والطريق الرئيسي ، اما ريوقها ومطلع فجرها القطرانة والطريق الصحراوي ، وغبوقها ومنام شمسها في ربة مؤاب وبيت كرم .
رجم الغراب ؛ اول سكانها الحُجاب ، وسموا بذلك نسبة الى جدهم الذي كان حاجبا للرسول صلى الله عليه وسلم ، ورد في كتاب عشائر الشمال للباحث محمود مهيدات ، ان الذنيبات عشيرة حجازية الاصل وكان اسمهم الحُجاب ولهم اقارب في اربد والقدس ، وقد تحالف مع الذنيبات عشائر الكفاوين والفراية والقروم .
" لا اقمنا على مكان وان طاب ولا يمكن المكان الرحيل
اللجون التي تعوم على بحرين ، بحر من الصخر الزيتي ، وبحر من المياه ، جارة المكان المصون .
ارنون ، الوادي الذي يصرخ في اذن التاريخ ههنا ، ويثني عنق تراجان وطريقه الملوكي ، اول ما يستقي مياهه العذبة من هنا من عيون اللجون ، ولطالما شربت الكرك والقرى والمضارب من عيون اللجون .
اسمعوا معي زفرات ابن المكان محمد الفراية وموسيقاها الذي تعزف على وتر الوفاء للبلدة وابنائها :
" للجونها اعتقت شعري واحرفي واعلنت من غازي الذنيبات موقفي
وابعدت ما في القلب من كل قرية وقلت لها هيا " جديدة" نحتفي
تحملت من كل الشتاءات بردها والبستها عطفي عليها ومعطفي
ولمّا هجرت الناس طوى لاجلها اذ بي انا منها عن الضوء اختفي
فقلت : " وان جارت عليّ عزيزة " وعدت اليها الآن اقرأ مصحفي " .