عادة ما ينشغل الواحد منا بمتطلبات الحياة اليومية وبالواجبات المنوطة بنا في شتى مشارب الحياة، فالحياة أشبه ما تكون بتسارع مع الزمن للإيفاء بكافة متطلبات الحياة الوظيفية والعائلية والمجتمعية وغيرها مما يحرمنا من ضيق الوقت للإلتفات لأنفسنا ولممارسة هواياتنا التي نعشق ونحب أو حتى للترويح عن أنفسنا.
وتأتي لحظات مرعبة حين نجد أنفسنا وقد أحاطت بنا الدقائق والساعات والأيام والأسابيع والشهور والسنين ولدينا متسع كبير من الوقت، في الوقت الذي ما زالَت فيه طاقَاتُنا كبيرة وقادرين على العطاء والعمل وخدمة المجتمع، عندها نبدأ باسترجاع الذكريات والنظر إلى الماضي وتفحص صفحاته ومحاولة قراءَته والتمعّن به، واسترجاع الذكريات وما توفّر لدينا من أرشيف وصور ومذكِّرات. فنعاودَ استعادتها وإحياء الذاكرة بها. طبعاً، لا أقول أنّ في ذلك أيُّ عيب أو خلل، ولكنَّ الخللَ أن نقف هناك وتموت الحياة فينا.
فالماضي الجميل سيبقى جميلاً إن استمرت مسيرة حياتنا نحو البناء والعطاء والعمل. لذلك يُخطئ مَن يظّن أنّ سِّنَ التقاعد أو ما شابهه هو القعود والقعوص عن العمل والمزيد من العطاء والإنجاز، ففي الدول المتقدمة كلّما تقدّم العمر بالإنسان كلما أهَّلته الحياة لأن يكون مشتشاراً ومرجعاً في العديد من القضايا التي تسهم في بناء رؤية وخطط استراتيجية مستقبلية. ذلك نرى إهتمام الدول المتقدمة في أمثال هؤلاء الذي يشكلون رافعة حقيقية لمجتمعاتهم ويسهمون في نقل خبراتهم وتجاربهم واستخلاصات الماضي لدفع عجلة الحياة نحو مزيد من التقدم والإزدهار.
وجدير بالذكر أن تقليب صفحات الماضي وذكرياته بموضوعية يزيد الإنسان قوة وعزيمة بأنَّ الحياةَ تَستحقُ منا المزيدَ من البذلِ والعطاءِ والخدمةِ خصوصاً عندما يكون رصيدنا في الحياة محبةُ الناس ووفاؤُهم وإخلاصُهم!