لا عنف ضد المرأة أو إن المرأة في الأردن غير معنَّفة، مقولة قرأتها منذ فترة على منصات التواصل الاجتماعي مما يعني أننا في حالة إنكار لتعنيف أو تهميش لفئة هي الأهم في بناء المجتمعات .
إن منصات التواصل الاجتماعي هذه الأيام تفتح المجالات الكثيرة الذين ظنّوا أن الفيسبوك وغيره قد جعل منهم صحفيين البعض يأتي صهوة جواد و آخر يأتي ممتطيًا دجاجة.
إن العنف ضد المرأة دق ناقوس الخطر منذ عقود حين أهدرت دمائهن على يد آباء أو إخوة أو أزواج أو حتى أبناء تحت ذرائع كثر أهمهن الشرف. أصبحت جرائم ما يسمى بالشرف تتنامى إلى مسامعنا كثيرًا -وإن لعَمري- فيهن البريئات. وهل تستحق إحداهن القتل؟
إن من يحتاج المساءلة هي أسرة أهملت تربية ابنة رمت نفسها في أحضان الشيطان بحثًا عن العطف و الأمان .
ولا يقتصر العنف على الاعتداء الجسدي بالضرب أو القتل لكن حبس الحريات عنف والوقوف بوجه تحقيق الأحلام عنف فأصبحت السياسة من المحرمات إلا من رحم ربي فقد مضى ما يناهز الأربعين عامًا منذ أن نجحت إمرأة في مجلس النواب عن طريق التنافس .
تبدأ محاصرة الأنثى في مجتمعاتنا إبتداءًا بالدراسة الجامعية –لمن حالفها الحظ- باختيار التخصص فهناك تخصصات محرّمة كالحقوق مثلًا فهي لن تكون محامية في النهاية وإن نجحت فعدد الموكلين لها يكاد يعد على أصابع اليد الواحدة. وأنا أتحدث من تجربتي الشخصية فعندما كنت على مقاعد الدراسة كطالبة متفوقة قال لي أستاذي عندما أطلت النقاش بموضوع ما: "ليش مغلبة حالك آخرتك عالمطبخ" وهذا في نظري عنف قائم على النوع أي عنف ضد المرأة.
ولم يكن عام 2020 بالعام السهل على النساء في الأردن فقانون الدفاع وحظر التجول انتج نوع من أنواع العنف هو العنف الاقتصادي أجبر البعض على ترك وظائفهن بسبب جائحة كورونا وقليلات الحظ هن من تعرضن للعنف بسبب بقاء الزوج في المنزل –مجبرًا- مما أدى إلى حالات كثيرة من الإيذاء الجسدي أو حتى القتل.
نطرة منا على جامعاتنا العتيدة فعدد الطالبات الإناث يفوق عدد الطلاب الذكور فهناك 56% من طلاب الجامعات من الإناث إلّا أن هناك فرقًا واضحًا ما بين الذكور و الإناث عند النظر إلى نسبة المتعطلين من حملة البكالوريوس فأعلى كانت النسبة للذكور 21% فيما بلغت الإناث 70% مع أن مستواهن التعليمي أعلى منهم. أوليس هذا عنفًا؟
هذا لمن حالفها الحظ ودرست أما العكس فربما طالها الزواج المبكر قبل بلوغ سن الرشد فأعدادهن في ازدياد ففي ظل عدم وجود نص قانوني في المملكة يحدد سن أدنى للخطبة يفتح الباب على مصراعيه أمام استمرار حالات زواج القصر المفتقد للإرادة والاختيار الواعي والحر. إن الزواج المبكر يفتح الباب للطلاق المبكر ضاربًا بعرض الحائط بطفولتها و أحلامها ويحرم الفتيات من حقوقهن في رسم مستقبلهن ويهدد فرصهن بالتعليم والعمل .
أخيرا وليس آخرًا أن قضية العنف ضد المرأة ليست مجرد موضوع مستهلك طال الحديث فيه إنما هو مسألة واجب علينا جميعًا التصدي لها. أوقفوا العنف ضد المرأة إنما هي بحاجة إلى تمكين حتى تصبح فردًا فاعلًا أكثر في المجتمع نحن بحاجة إلى سن قوانين لحماية حق المرأة في تقرير مستقبلها ووظيفتها القوانين التي تجعلها أسوة بالرجل لها حق في رعاية أطفالها وأقول ثانية لمن يمتطي صهوة دجاجته لمهاجمتي إن المرأة كأم ليس لديها الحق بالقانون على التوقيع على أوراق إجراء عملية جراحية بسيطة لابنها في حالة عدم وجود الزوج بينما تسمح لجده الذي ربما يكون خرِفًا.
إن أهم علاج لأي مرض هو تشخيصه ونحن بحاجة لتشخيص مرض أصابنا هو التفريق على أساس النوع لنحمي زهورًا في مواجهة العاصفة