نيروز الإخبارية : باتت عملية بيع المباني المكتبية الضخمة في لندن شبه مستحيلة، حيث يحبط ارتفاع أسعار الفائدة وقلق المستثمرين من العمل الهجين، الجهود المبذولة لإبرام الصفقات.
ووفقاً لمجموعة البيانات العقارية «كوستار»، تم بيع عدد قليل فقط من المباني المكتبية في لندن بأكثر من 100 مليون استرليني خلال النصف الأول من العام. ولم تشهد مدينة لندن صفقات بهذا الحجم، في تباين حاد مع الماضي، عندما كانت الصفقات في هذه السوق تتجاوز مليار جنيه استرليني.
وحاولت شركتا «جي بي إي» و«ديروينت»، إلى جانب العديد من مالكي المكاتب الرئيسة، بيع مباني عالية الثمن، لكن أغلب هذه المحاولات باءت بالفشل أو تم إلغاؤها بهدوء عندما لم ترق الأسعار المحتملة إلى مستوى التوقعات.
وأدى الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة خلال العامين الماضيين إلى إعادة تسعير حادة للعقارات التجارية، خصوصاً المباني المكتبية؛ حيث يواجه المستثمرون أيضاً حالة من عدم اليقين حيال الطلب من الشركات، مع اكتساب العمل الهجين شعبية عقب الجائحة.
ووفقاً لمؤشر «إم إس سي آي»، من المحتمل أن يتكبد المستثمرون الذين اشتروا مكاتب في وسط لندن منذ عام 2014 خسائر إذا أرادوا البيع في الوقت الراهن. وبالأسعار الحالية، فإن أسعار بيع 64 % من مكاتب لندن أقل من سعر الشراء.
وفي مطلع هذا العام، توقع وكلاء العقارات انتعاش المبيعات، مدفوعة بموجة من المواعيد النهائية المحددة لإعادة التمويل ورغم ذلك، كان هناك صفقات قليلة نسبياً بسبب انخفاض مستويات الرافعة المالية عموماً مقارنة بالركود العقاري في عام 2009، واستقرار أسعار الفائدة وإن كانت عند مستويات أعلى، والمرونة من المقرضين.
لكن أصحاب المكاتب الذين يتطلعون حالياً لإنعاش السوق للقيام بصفقات أكبر من موقع قوة يجدون صعوبة في القيام بذلك. وتشير القوائم الأخيرة إلى أن الملاك ما زالوا يختبرون الأسعار واهتمام المشترين.
وقال جوليان ساندباك، رئيس أسواق المكاتب في وسط لندن لدى مجموعة الاستشارات العقارية «جيه إل إل» إن «يعلم الملاك أن توفر السيولة النقدية لصفقات تتجاوز 150 مليون جنيه استرليني أمر صعب للغاية.. سيكون هناك مجموعة كبيرة من العقارات لا تناسب ظروف السوق الحالية».
وأفادت شركة الوساطة العقارية أنه تم بيع ما قيمته 2.5 مليار جنيه استرليني فقط من المكاتب بوسط لندن هذا العام، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 28 % مقارنة بالسوق التي كانت تعاني من الركود أصلاً خلال العام الماضي.
وعرضت شركة «ديروينت» المالكة للمباني المكتبية، وهي مدرجة في مؤشر فوتسي 250، مبنى يقع في «90 شارع وايتفيلد» للبيع مقابل نحو 120 مليون جنيه استرليني، بينما حاولت شركة «جيه بي إي» بيع مبنى يقع في «1 شارع نيومان» مقابل أكثر من 200 مليون جنيه استرليني، وتلقى كلا المبنيين عروضاً أقل من توقعات الملاك، ما أدى إلى تأجيل عمليات البيع، وفقاً لأشخاص مطلعين على الصفقات.
وأشار توبي كورتولد، الرئيس التنفيذي لشركة «جي بي إي»، التي جمعت أخيراً أموالاً بقيمة 350 مليون جنيه استرليني لعمليات شراء محتملة، إلى أنه «رغم ندرة البيع القسري في الوقت الحالي، إلا أن هناك أدلة متزايدة على عمليات البيع المدفوعة برغبة البائعين».
وتعتمد كل من شركة ديرونيت وجي بي إي بشكل روتيني على بيع عقارات قائمة لتمويل عمليات شراء وتطويرات جديدة، وقد رفضت الشركتان التعليق على الصفقات المذكورة في التقرير.
كما تم إلغاء صفقات خاصة بعقارين أكبر حجماً، يقعان في 20 أولد بيلي في المدينة و5 تشرشل بليس في كناري وارف، بأسعار مخفضة خلال الأشهر الماضية.
وقد عززت التوقعات ببدء بنك إنجلترا بخفض أسعار الفائدة خلال الصيف تفضيل بعض البائعين الاحتفاظ بالمباني بأي ثمن.
وقال ريتشارد جارسايد، رئيس عمليات وسط لندن لدى سافيلز: «أعتقد أن البائعين بدأوا يتماسكون قليلاً، لأننا ربما قد مررنا بالأسوأ».
في الوقت نفسه، لا تزال تكلفة الاقتراض المرتفعة تجعل من الصعب على أغلب المشترين العثور على صفقات مجدية مالياً. والعديد من المشترين النشطين في السوق حالياً هم عائلات ثرية للغاية تشترى عادة بأقل قدر من الديون، لكن هناك حد لحجم العقارات التي يمكنهم شراؤها.
ورغم التوقعات بأن سيلاً من المبيعات القسرية سيضرب السوق، لكن تبين أن ذلك لم يكن في محله، رغم أنه وقع بعضها بالفعل، فقد وضع مبنى «هيربال هاوس» في «كليركنويل»، الذي كان في السابق مطبعة تابعة لصحيفة ديلي ميرور، تحت سيطرة الحراس القضائيين، الذين وافقوا على عملية بيع بقيمة 105 ملايين جنيه استرليني في الأسابيع الأخيرة.
وهو ما يتجاوز بقليل الديون المضمونة مقابل العقار البالغة 102 مليون جنيه استرليني، كما عرض مبنى يقع في 51 إيستشيب، وهو مبنى في المدينة مؤجر لشركة «وي ورك» وكان مملوكاً في السابق للذراع الاستثمارية لمجموعة العمل المشترك، بعد تعيين الحراس القضائيين في أواخر مارس.