الكل بات يعرف السيناريوهات العالمية في التعامل مع فايروس كورونا المستجد؛ فهنالك تجارب عالمية للحظر الكامل مارستها الصين ونجحت بها وتأثر إقتصادها تأثّراً بالغاً بيد أنها نجحت طبياً في تلقي الصدمة الأولى وخرجت بأقل الخسائر والأرواح؛ وهنالك سيناريو مناعة القطيع كما في بريطانيا والسويد وإسبانيا وإيطاليا وغيرها وهو يُبقي على القطاعات الإقتصادية بنمو طبيعي لكن الخسائر البشرية والطبية فادحة؛ والسيناريو الثالث بينهما بحيث يكون الحظر جزئياً وفتح القطاعات الإقتصادية تدريجي والخسائر الإقتصادية والبشرية بين بين؛ ولذلك كل سيناريو له نتائجه وسلبياته وحسناته؛ لكن اليوم او غداً نحتاج لنمو إقتصادي ورعاية إجتماعية نوعية للمتعطلين عن العمل للأشخاص العاملين وأرباب العمل على السواء:
١. في الأردن مؤشرات النجاح على مستوى الرعاية الطبية ونتائج الحظر والتباعد الإجتماعي واضحة للعيان؛ وحسب الأرقام فهي في تراجع كبير لقرابة الصفر والتأرجح بين الصفر وبواقعية أقل من عشر إصابات؛ وهذه الأرقام ممتازة نسبياً كمؤشر لنجاح الحظر الشامل والجزئي والحلول الطبية.
٢. وفي الأردن يتم معالجة الأمر بشأن التعامل مع التبعات الإقتصادية لفايروس كورونا وفق خطة ممنهجة بموجب توجيهات ملكية سامية تنطلق من اللجنة السيادية وخلية الأزمة المشكلة في مركز الأمن وإدارة الأزمات؛ ولذلك بعد مؤشرات نجاح الحظر وتراجع الحالات المصابة بالفايروس بإضطراد لقرابة الصفر؛ هذا مؤشر يوجّه صوب البدء الفعلي في طرح الحلول الإقتصادية الإبداعية خارج الصندوق.
٣. تشكيل الحكومة لجنة إستشارية خاصة لطرح حلول عملية وواقعية للتعافي الإقتصادي ما بعد كورونا مؤشر على بقصة مبكّرة للتطلع للأمام؛ وهذه اللجنة مطلوب منها طرح حلول عملية وإبداعية لغايات تعافي الإقتصاد من جديد وعودة الحياة لطبيعتها في القطاعات الإنتاجية والصناعية والخدمية كافة؛ وأملنا بها كبير حيث تحوي قامات إقتصادية لها باع طويل في إجترار الحلول الإقتصادية.
٤. كما أن إصدار دولة رئيس الوزراء قراري الدفاع رقم ٦ و ٩ الخاصين بالضمان الإجتماعي ضمنا وواءما بين حقوق العمال وصاحب العمل؛ حيث عالجا كل القضايا التي تضمن دخلاً متواضعاً للعمال مقابل ربح متوازن لأصحاب العمل؛ وهذا بالطبع يضمن جزء من تلقي الصدمة الإقتصادية عند المنشاءات الإقتصادية الصغيرة والمتوسطة على الأقل؛ وكما أن إنشاء منصّات خاصة للتقدم لذلك من خلال مؤسسة الضمان الإجتماعي تعطي دفعه للجميع للتقدم لها بسهولة ويسر.
٥. مبدأ التدرج في عودة القطاعات الإقتصادية الإنتاجية شيء مهم لغايات ضبط النمو الإقتصادي وعودة العمالة لمواقع الإنتاج ويخفف من الإحتقانات الإجتماعية والإقتصادية على السواء؛ وهذه العودة المتدرجة تكون بالطبع بضوابط صحية وسلامة عامة وعزل مكاني إجتماعي بين العاملين وشروط عامة لها إطار معتمد من حيث التعقيم والضوابط الصحية وبالحد الأدنى من الموظفين.
٦. هنالك حاجة ماسة لإعادة العاملين في كثير من القطاعات الإنتاجية والصناعية وحتى جزء بسيط من القطاع التعليمي وبنسب قليلة لا تتجاوز العشرة بالمائة من العاملين في الإدارة العليا والفنيين والإداريين لتسيير الأمور الرئيسة في المؤسسات كالتعليم عن بُعد وغيره.
٧. إن عودة القطاعات الإنتاجية تدريجياً لمواقع العمل شريطة الإلتزام بضوابط السلامة العامة والشروط الصحية مهم جداً لغايات ضمان عدم العودة للمربع واحد في مسألة الحظر في حال إصابة أحد العاملين بالفايروس لا سمح الله.
٨. مطلوب السرعة بحذر وضوابط لعودة القطاعات الإنتاجية والخدمية وغيرها وفق خطّة حكومية مدروسة تراعي كل الأبعاد الإقتصادية والإجتماعية والطبية والأمنية وغيرها لغايات أن تعود الحياة لطبيعتها رويداً رويداً في الوقت الذي تكون طفرة الفايروس في الدول المجاورة والعالم قد تم تجاوزها خوفاً من عودة الفايروس من جديد لا سمح الله تعالى.
بصراحة: كما نجحنا في كبح جماح فايروس كورونا في وطننا الأردن الغالي حتماً سننجح في عودة الحياة للقطاعات الإقتصادية وبأقل الخسائر وأقل من ملياري دينار المتوقعة كخسائر للإقتصاد الوطني؛ وحتماً لن يتم ذلك إلا بخطة محكمة ومدروسة من مطبخنا الإقتصادي وخلية الأزمة ليكون الأردن في المقدمة كعادته في تجاوز المحنة والجائحة صوب النمو الإقتصادي والأمان والسلامة والصحة للجميع بحول الله تعالى.