الحمد لله تعالى بأن نتائج أرقامنا بوصولنا إلى رقم حوالي الصفر حالة في الأردن يؤشر لنجاعة إجراءاتنا الطبية والأمنية والحظر والعزل المنزلي؛ ويؤشر لتجاوزنا الذروة في إحصائيات الإصابة بفايروس أو وباء كورونا؛ وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على إستباقية قيادتنا الهاشمية بقيادة جلالة الملك المعزز حفظه الله لإدارة ملف الأزمة بإقتدار؛ وبالرغم من كل التحديات التي يواجهها العالم بأسره هذه الأيام في ظل أزمة وباء كورونا؛ وبالرغم من الغُمّة والأزمة التي يعيشها الناس وهواجس الخوف عند الكثيرين؛ وبالرغم من الأرقام التي وصل إليها الوباء في عدد الإصابات والوفيات عالمياً؛ وبالرغم من التعب والإرهاق والسهر الذي تعيشه الطواقم الطبية والأمنية والعسكرية؛ وبالرغم من فقدان البعض للغة الصبر والحلم؛ وبالرغم من تشاؤم الكثيرين وتوقّعاتهم السلبية؛ وبالرغم من كل شيء حتماً ستمر أزمة كورونا تماماً كما مُرّ على هذا العالم من جوائز وأزمات وتحديات غيرها؛ وسيعود العالم لطبيعته؛ والسؤال الكبير ماذا أعددنا لإستشراف الزمان لما بعد كورونا؟:
١. العالم سيتغير تغيراً مذهلاً بُعد كورونا؛ وأجزم بأن التغيّرات السياسية والإقتصادية ستطفو على السطح؛ فصراعات القوى الكبرى جلي وواضح في التقنيات والتكنولوجيا والطب والحرب الجرثومية وغيرها؛ وهذا حتماً سيجعل العالم يفرز مراكز قوى جديدة في العالم أساسها تكنولوجي قبل أن يكون سياسي؛ والتغيرات بين الشرق والغرب والتحالفات ستكون كبيرة جداً.
٢. النمو الإقتصادي كنتيجة لوقوف عجلة الإقتصاد في معظم دول العالم سيتأثّر سلباً؛ وأول مؤشر على ذلك الهبوط الحاد في أسعار النفط وبيع النفط بأسعار أقل من الماء في عقود برنت بأمريكا؛ لكن الأهم من ذلك فرص العمل وتسريح الكثير من العمالة إبّان أزمة كورونا وهذا يجعل الناس تفتّش عن فرص عمل جديدة والتي لا يمكن أن تحل مشاكلها سوى بإستثمارات جديدة في مجالات تعزز الإنتاجية.
٣. نظام الحياة الإجتماعية بعد كورونا سيتغير بصورة مذهلة؛ فالعادات الإجتماعية التقليدية ستندثر إلى غير رجعة؛ وسنجد مناسبات الأفراح والأتراح مقتصرة على الأقارب من الدرجة الأولى؛ وستكتفي الناس بوسائل التواصل الإجتماعي لمعظم مناسباتها؛ وستحرص على المسافات الآمنة والتباعد الإجتماعي وستأخذ الحذر.
٤. حتى النظافة بعد كورونا ستكون من الدرجة الأولى؛ وسيكون الناس أكثر حرصاً على نظافتهم وبيئتهم لإيمانهم بأن النظافة هي مفتاح الوقاية من الأمراض؛ وبذلك تكون البيئة أجمل وأنظف؛ وتكون جمالية الكون أنظم.
٥. العمل عن بُعد والتعليم عن بُعد سيتعززان بعد كورونا؛ لأن الناس تعوّدت نمطاً بالعمل ليس كلاسيكياً وكذلك في التعليم الذي حقق قفزة نوعية صوب إستخدام التكنولوجيا العصرية والتواصل عن بُعد؛ وهذا سيخلق حالة جندرية تعزز عمل المرأة من البيت دونما تنقّل مرهق لمكان العمل لتصبح ثقافة مجتمعية محمودة.
٦. إحترام رجالات الجيش والأجهزة الأمنية والكوادر الطبية والخدمية سيكون على أوجه وفي سمو دائم؛ لأن هؤلاء كانوا نشامى وفرسان وجيوش حق لحماية الناس جميعاً من إنتشار الوباء؛ فشكراً للجميع من القلب على جهودهم المضنية والوطنية الصادقة.
٧. حتى الإعلام ربما يتحوّل جُله للإلكتروني حيث النظافة دونما ورق والتقنية للعمل عن بُعد والأرشفة وسرعة الوصول للمعلومة والتماشي مع روح العصر في زمن الألفية الثالثة للمضي قُدماً في تقننة الإعلام ليكون عصرياً.
٨. حتى أخلاقيات الناس بعد كورونا ستتغير؛ فالجرعة الإيمانية والروحانية التي أخذها الناس عظيمة وفيها دروس وعبر لا يمكن نسيانها؛ فالإيمان بالقيم والمبادىء والقيم العائلية سيكون أساساً للحياة.
٩. مطلوب اليوم أن ننتبه للتطلعات بعد إنتهاء أزمة كورونا والتي نرجو الله مخلصين أن تنتهي بالسرعة القصوى حفاظاً على وطننا وشعبنا؛ فالتطلعات جسام والقافلة تسير؛ والأمل يحدونا للأفضل.
بصراحة: العالم بعد كورونا حتماً ليس نفسه قبل كورونا؛ ولذلك مطلوب إعداد العدة إستباقياً وإستشرافياً لأخذ كل الأبعاد بعين الإعتبار؛ ونحن إذ نعاني من أزمة إقتصادية وتجذّرت إبان الأزمة بكورونا فإننا نتطلع لخطط حكومية إقتصادية تهدف لزيادة النمو الإقتصادي وتحسين ظروف بيئة العمل والإستثمار؛ وهذا جزء من توجهات جلالة سيدنا للحكومة؛ ليكتمل النصر على كورونا ويصبح نصراً مؤزراً بحول الله تعالى.